قوله: (الحمد لله) أتى بالحمد هاهنا توصلا إلى الكلام على المسألة، وفي الحمد كلام كثير يتكرر للقراء في كثير من الكتب، فلا حاجة إلى ذكره هاهنا قوله (الدال على ذاته بالمصنوعات) هذا بقيته على الذات الله تعالى لا يعرف ضروريا كما زعم الجاحظ (1) ومن تابعه (2) وكلامهم باطل لأن المعروف ضرورة لا ينبغي عن النفس بشك ولا كلمة، والمعلوم أن كثير ممن برز في الإسلام انتفى عنه العلم بالله تعالى كابن الراوندي، وأبي عيسى الوزان فلم يبقى إلا أنه يعرف دلالة ولا يجوز التقليد في معرفة الصانع كما قد يحكى عن القاسم -عليه السلام-لأن المقلد لا يأمن خطأ من قلده، والمقلدون مختلفون فلا يسوغ تقليد الجميع، ولا تقليد بعضهم من دون إيضاح الحق معه والعارف للحق لا يكون مقلد أو من هاهنا لسنا مقلدين الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- لإيضاح الحق بل معنا الدليل فإن قلت: ربما يحصل العلم الاستدلالي.
قلت: بالنظر وهو الفكر، وإن قلت: فهل يجب النظر. قلت: نعم لأن معرفة الله تعالى لا تتم إلا به لما ورد وهي واجبة ولا يتم الواجب إلا به، يكون واجبا كوجوبه وكالصلاة فإنها لما لم تتم إلا بالوضوء وجب لوجوبها.
فإن قلت: ولم قلت معرفة الله تعالى واجبة. قلت: لأنك إذا عرفته كنت أقرب إلى أداء الواجب كعطاء الدين ورد الوديعة لأنك بمعرفته تخاف من الإخلال بها عقابه.
فإن قلت: ومن أبراني إذا كنت مع المعرفة أقرب إلى ذلك كانت واجبة.
পৃষ্ঠা ৮