قلت: تجويزه يؤدي إلى فتح باب الجهالات وذلك لأنا نجوز حينئذ أن يكون بين أيدينا قبله والنيران موحجة ولكن لا ندركها لذلك المانع، وفي علمنا بعدم ذلك دليل على عدم المانع غيرها، وقد ذكر في المسألة دليل أخر وهو أن الواحد منا لا يرى إلا بالحاسة والحاسة لا يرى بها إلا ما كان مقابلا كالأجسام أو في حكم المقابل كما يرى في المرآة أو حالا في المقابل كالأعراض وهذان الحكمان يختصان بالأجسام والأعراض والله تعالى ليس بجسم ولا عرض (1).
فالدليل في التحقيق هو أن الله ليس بجسم ولا عرض ونحن لا نرى إلا الجسم والعرض.
قلت: بهذا أنه لا يرى فإن قلت: فما الجواب عن شبهه الخصم؟ قلت: لما دلت دلالة العقل على انه فعلي لا يرى أبدا وقد قلت أن دليل السمع إذا عارض دليل العقل وجب حمل السمع على العقل، لأنه قد ثبت كونهما دليلين فلا يجوز انتقالهما ولا يمكن الاستدلال بالعقل فأجبه ظاهر من السمع معا مطلقا لأنهما دليلين قد تضادا، فلم يبق إلا يحمل أحدهما على الأخر ولا يحمل العقل على السمع لعدم احتماله للتأويل، فلم يبق إلا أن نحمل معدن السمع على العقل لا احتمال السمع للتأويل، وما كان كذلك تأول مشايخنا شبههم أما الآية فحملوا ناظره على أن المراد مبصرة كما قال الشاعر [ ]:
পৃষ্ঠা ৩৬