ফালসাফা সিয়াসিয়্যা
ركائز في فلسفة السياسة
জনগুলি
ربما كان البحث عنها في الماضي أكثر حضورا في واقعنا نحن. في كلتا الحالتين يرى بوبر أن: «عودوا على الماضي المجيد» أو «سيروا نحو مجتمع العدالة الاجتماعية» نداءات إلى العواطف أكثر منها إلى العقل، طابعها الكلي يستلزم إحكام قبضة الاتجاه الواحد والرأي الموحد على المجتمع بأسره، وغلق الأبواب أمام الرأي الآخر وإخماده، وبالتالي لا مندوحة عن أساليب القهر والقسر والعنف. ومع أخلص نواياهم بصنع جنة السماء على الأرض، لا يفلحون إلا في جلب حدود الجحيم؛ لأنه الواقع المضطرم الحي الذي يأبى الانصياع بسائر جزئياته المتكثرة والصب في إطار هندسة كلية شمولية أيا كانت، ليأتينا بكل ما نريد جملة وتفصيلا.
ولكن هل يعني هذا أنه لا سبيل إلى البحث عن عالم أفضل؟
كلا بالطبع، بل يمكن القول إن البحث عن عالم أفضل هو حادي مجمل الجهد الواعي العاقل للإنسان (لبوبر كتاب عنوانه «بحثا عن عالم أفضل») وينبغي أن يظل هكذا، وأن نعمل دائما على تغيير الأوضاع من أجل درء المثالب وحل المشكلات التي تواجه المجتمع والاقتراب دوما من الأهداف المنشودة والمثل العليا، ولكن لا يكون هذا بالأسلوب الكلي الشمولي، والتخطيط المركزي الذي يحكم قبضته على المجتمع المغلق، بل عن طريق ما أسماه بوبر بالهندسة الاجتماعية الجزئية
Social Piecemeal Engineering
المتسقة مع ليبراليته؛ فما هي الهندسة الاجتماعية الجزئية؟ •••
الهندسة الاجتماعية على إطلاقها تعني إنشاء النظم والمؤسسات الاجتماعية أو تكييفها وتعديلها وفقا لخطة مرسومة قبلا، أو بالمصطلح الأنيق نقول تبعا لمخطوطات زرقاء
blue prints
على أن الخطة أو المخطوطة يمكن أن تكون شمولية تنحو إلى قلب المجتمع بأسره من وضع إلى وضع، بصورة حدية متطرفة، بضربة واحدة، أو حتى بثورة دموية؛ وهذه هي الهندسة الاجتماعية الكلية التي رفضها بوبر بشدة.
في مقابل هذا، يمكن أن تكون الهندسة الاجتماعية جزئية؛ مخطوطات زرقاء أبسط وأضيق حدودا، مخطوطة تنصب مثلا على مكافحة البطالة أو مرض متوطن، أو تطوير نظام تعليمي ... إلخ. ولما كانت كل محاولة في واقع الإنسان لا بد أن يشوبها خطأ ما كما يعلمنا التفكير العلمي، فإن مخطوطات الهندسة الجزئية المحدودة تجعل الخطأ بدوره محدودا، درؤه أيسر، والخسران الناجم عنه أقل مخاطرة من المغامرة بتخطيط كلي.
إن الهندسة الاجتماعية الجزئية تتلمس الطريق خطوة خطوة، وتبحث عن أكثر المشكلات إلحاحا، يتبارى الرأي والرأي الآخر للوصول إلى أفضل الحلول، فتحل الديمقراطية محل القمع والديكتاتورية، نقارن النتائج المتوقعة بالنتائج المتحققة فعلا، نترقب على الدوام ظهور النتائج غير المرغوب فيها، والتي لا مفر منها في كل إصلاح بل وفي كل محاولة إنسانية. هكذا يحل التناول العقلاني المرحلي محل التحمس المشبوب والعنف والقسر. ونرفض كل دعوى بحتمية التاريخ - ماضيه ومستقبله - ليترك المجال مفتوحا للتعديلات والتصويبات وفق أية مستجدات في الواقع.
অজানা পৃষ্ঠা