ألف درهم. وكحكاية أبي عثمان المازني وإحضار الواثق إياه من البصرة ليسأله عن نصب رجل أو رفعه في قول العرجي:
أظلوم أن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم
وأمره على توجيهه إياه بألف دينار. وكحكاية أحمد بن دعلج أبو محمد السجزي الفقيه المعدل المحدث الرئيس صاحب الأموال الجزيلة التي أنفق أكثرها في العلم وأهله المتوفى عن ثلاثمائة ألف دينار سنة ٣٥١، حيث بعث بمسنده إلى ابن عقدة لينظر فيه وجعل في الأجزاء بين كل ورقتين دينارًا. وكحكاية عبد الله بن طاهر
حيث رتب للقاسم بن سلام أبي عبيد في كل شهر عشرة ألف درهم لما وضع كتابه في غريب الحديث وقال له: أن عقلًا يعين صاحبه على عمل هذا الكتاب حقيق أن لا يحوج لطلب المعاش. وكحكاية علي بن محمد بن الفرات من إنه كان ينفق على خمسة آلاف من العلماء والعباد ويجرى عليهم نفقات كل شهر، وكغير ذلك من أخبار المدح والكلمات العلمية مما يغني تواتره المعنوي عن الإطالة به.
ولذلك أيضًا كان التقريب والتبعيد والضعة والشرف على حسب الاستعداد والاستحقاق، وذلك كله يستلزم كون العلوم والكمالات صنعة من الصنائع وحرفة من الحرف، لما لن الناس كانوا يرون احتياجهم إلى العلماء فوق احتياجهم إلى الحاكة والباعة والصناع وباقي الحرف أضعافًا مضاعفة.
وكان العلماء يسترزقون بعلومهم ومعارفهم ويتخذونها ذرائع ووسائل إلى مقاصدهم فوق استرزاق الحاكة والخاطة أضعافًا مضاعفة، فلذلك اتسع نطاق العلم ودونت الدواوين وصنفت الكتب وهذبت ورتبت وبسطت واختصرت واستبحر العلم استبحارًا وذخرت أمواجه وأخذ إلى أبعد مسافة من أقطار الأرض شرقًا وغربًا، حتى أن علوم الشريعة كلها من التفسير والنحو والأصول والمعاني والحديث أكثر أصحابها العجم على بعد قطرهم، مع أن صاحب الشريعة عربي وكتابه عربي والمتلقون عنه وهم الصحابة عرب.
ولذلك سبب اذكره استطرادًا، وهو أن الشريعة لما استلزمت العلم على ما مر وكان العلماء هم الملوك والأعيان وكان نفاق العلماء والاحتياج إليهم فوق نفاق الخياط والحداد والحائك والاحتياج إليه
1 / 47