الشافعية عبارة عن عدم مباشرة الكبائر والإصرار على الصغائر مع المروءة، وأين من يجمع هذه الثلاثة مع خطر النكاح وكثرة ما يترتب عليه من الأحكام من التوالد والتوارث وانتشار النسب إلى عدد كثير، وما يترتب على ذلك المنتشر من الأحكام ووجوب مالا يجب إلا بالنكاح وحل مالا يحل به، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة.
(وثانيهما) - أن شركة الأبدان القائل فيها قائلان: قائل بعدم جوازها البتة كالشافعي، وقائل بجوازها كالحنبلي والحنفي، وليس لنا قائل بوجوبها. وان اثنين ينعقد بينهما شركة الأبدان بغير اختيارهما، ومبنى شركة الشهود غالبًا على الإكراه، فقلما يقع بين الشهود شركة أبدان صحيحة بالتراضي، بل كل منهم لا يريد الآخر ولا الكتابة معه، ويمنعه من ذلك موانع هي آكراه أو في معنى الإكراه، ويكتب احدهما مائة سطر والآخر يكتب اسمه ويتقاسمان على السواء ولا شركة بينهما قائمة، فيصير الكسب كله حرامًا، مسح أن أكل الحرام مما يظلم القلوب ويمنعها من دخول الحكمة فيها.
(وثالثهما) إنه يجب على كل أحد علم ظاهر صناعته كما ذكره الشافعية في كتب الفقه أول كتاب الجهاد، فيجب على الصيرفي مثلا معرفة أن بيع درهم بدرهمين مثلًا حرام وغير ظاهر صنعته كباقي مسائل الربا التي لا يكثر دورها لا يجب عليه تعلمه، وإذا وقع له شيء منه سأل عنه العلماء. وقياسه أن كل شاهد يجب عليه أن يعلم شروط الرهن والبيع والكفالة والأقارير، لأن هذه الأشياء كثيرة الدور، وباقي مسائل هذه الأبواب يسأل عنها المفتي إذا وقع له، فحينئذ من ترك من الشهود معرفة هذه الأشياء كان عاصيًا، ويتكرر عصيانه كل يوم ويترتب
على ذلك ما لا يخفى وأيضًا كثيرًا ما يكتب الشهود في الشهادة على من لا يعرفونه وقد عرفه شهوده وهو كذب، لأن المعرفة لا تحصل بالنظرة ولا بالمرة، ويتكرر هذا الكتاب بتكرر الشهادة على المجاهيل، ويترتب على ذلك ما لا يخفى.
(ورابعها) - تضييع الحقوق بالجهل، فرب من يكتب شيئًا ويزيد فيه كلمة أو ينقص كلمة أو يصور صورة يترتب عليها مفاسد شرعية وهو بجهله لا يعلمها، ولا يصح الاعتذار عن ذلك بأن الكلمة الزائدة أو الناقصة هكذا تحملها، لأن بتسببه وتوريطه المشهود له، وعليه في ذلك بتقليدهما إياه ظنا منهما إنه أهل للتقليد.
(وخامسها) - التدليس باسترعاء المشهود عليه بكلمات الفقهاء التي تقصر عن إدراك غوائلها
1 / 34