...أي تحالفهم على إذايته ومقاطعته، هو وكل من انحاش إليه، وكان ذلك في أول يوم من المحرم سنة سبع من المبعث، وسبب ذلك أنه لما فشا الإسلام وظهر، أجمعت قريش على أن يقتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبلغ ذلك أبا طالب فجمع بني هاشم وبني المطلب، مؤمنهم وكافرهم، إلا أبا لهب، فأدخلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعبهم، ومنعوه ممن أراد قتله وإذايته، فلما رأت قريش ذلك أجمعوا على أن يكتبوا بينهم وبين بني هاشم والمطلب كتاب قطيعة ومصارمة ألا يعاملوهم ولا يناكحوهم حتى يسلموا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففعلوا ذلك وكتبوا ما ذكر في صحيفة، وعلقوها في جوف الكعبة، وكان كاتبها منصور بن عكرمة العبدري، أو غيره(1)، فشلت أصابعه، وبقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مع بني هاشم والمطلب بالشعب سنتين أو ثلاثا (2) في غاية الضيق والشدة حتى جهدوا وضعفوا، ولم يكن يأتيهم شيء من الأقوات إلا خفية، إلى أن قام في نقض الصحيفة نفر منهم، وهم هشام بن عمرو، وزهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وأبو البختري، وزمعة بن الأسود، فاجتمعوا على ذلك، فلما جلسوا بالحجر تكلموا فيه وأنكروه وتواطئوا على نقضه، فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل، أو دبر بليل، فأبطلوا ذلك وأنزلوا الصحيفة فوجدوا الأرضة قد أكلت جميع ما فيها إلا اسم الله تعالى(3) ، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - مع من معه من بني هاشم والمطلب من الشعب، وكان خروجهم سنة عشر من المبعث قبل الهجرة بثلاث سنين، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عمه أبا طالب بأكل الأرضية للصحيفة قبل إخراجها، فأخبرهم أبوطالب بذلك، ومات أبو طالب عقب خروجهم من الشعب(1).
...قال ابن إسحاق: ( مات هو وخديجة في عام واحد، فنالت قريش من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته مالم تنله قبل ذلك)(2) .
3882 بخيف بني كنانة: هو المحصب(3).
40 "قصة أبي طالب":
...اسمه عند الجميع عبد مناف، واشتهر بكنيته، وكان شقيق عبد الله والد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لذلك أوصاه عبد المطلب على النبي - صلى الله عليه وسلم - فكفله إلى أن كبر، واستمر على نصره والذب عنه إلى أن مات بعد خروجهم من الشعب كما سبق، ومن شعره في نصر النبي - صلى الله عليه وسلم - :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم - حتى أوسد في التراب دفينا (4).
পৃষ্ঠা ৪৯