143

ফজর দামির

فجر الضمير

জনগুলি

حيث قال:

إن ضميري له ألف لسان مختلف.

وكل لسان يأتي معه بقصة مختلفة.

وكل قصة تقضي علي بأني شرير.

وقد أصغى المصري إلى نفس ذلك الإيحاء، وخافه وحاول إخفاءه وإسكاته؛ أي إنه اجتهد في إسكات وحي القلب، ولم يعترف إلى ذلك الوقت بذنوبه، بل تشبث في إلحاح ببراءته. ولقد كانت الخطوة الثانية عندما ارتقى في تطوره فصار يظهر - في خضوع - شعوره بخطيئته إلى ربه، وقد وصل إلى تلك الخطوة فيما بعد، ولكن حدث إذ ذاك أن تدخل عامل آخر فعاقه إعاقة شديدة عن تحرير ضميره تحريرا تاما.

وليس هناك من شك في أن هذه المحاكمة الأوزيرية التي صورت لنا بذلك الوضوح المجسم، مضافا إليها ذلك التقدير العام لعبادة «أوزير» في عهد الدولة الحديثة، يرجعان لدرجة كبيرة إلى نشر الاعتقاد بالمسئولية الخلقية فيما بعد الموت، وإلى تعميم تداول تلك الآراء الخاصة بالقيم السامية للأخلاق الطاهرة النقية، مما شاهداناه سائدا بين علماء الأخلاق والفلاسفة الاجتماعيين الذين نشئوا في البلاط الفرعوني من عدة قرون خلت في العهد الإقطاعي؛ فإنه بتلك الكيفية قد أضفى مذهب «أوزير» على الأخلاق الفاضلة قوة عظيمة في نظر الشعب، ومع أن بابه كان مفتوحا على مصراعيه ليدخله جميع الناس فإنه كان من واجب الجميع أن يبرهنوا على أهليتهم لرضاء الإله «أوزير» من الناحية الخلقية.

فلو أن الكهنة تركوا الأمر على هذه الحال لكان فيه الخير، ولكن - لسوء الحظ - كان انتشار الاعتقاد في نفع قوة السحر وتأثيرها في الحياة الآخرة لا يزال مستمرا؛ إذ كان المعتقد أن كل النعم المادية يمكن الحصول عليها - من غير نزاع - باستعمال الرقية الملائمة، بل كان في الإمكان كذلك أن يعاد إلى الإنسان بتأثير تلك العوامل السحرية كل شيء حتى العتاد العقلي؛ ألا وهو «القلب» الذي معناه - في اللغة المصرية القديمة - «الفهم» أو «العقل».

فقد رأينا - فيما سبق - كيف أن نفس تلك الرقية التي كانت تمكن الأم الهلوع من منع الشيطان الرجيم من خطف طفلها، كان في الإمكان كذلك استعمالها لمنع أخذ قلب الإنسان منه (أي سلب عقله منه). وقد وضعت الكهنة في «متون التوابيت» في عصر العهد الإقطاعي رقية لذلك الغرض عنوانها: «فصل في عدم السماح بأخذ قلب الرجل منه في العالم السفلي»، وقد أضيفت الآن هذه الرقية إلى كتاب الموتى. وبذلك نجد أن السحر قد دخل إلى عالم جديد، وهو عالم «الضمير» والصفات الشخصية والأخلاق.

وقد أغرت الكهنة أبواب الكسب والارتزاق - التي كانت لا تقف حيلتهم فيها عند حد - على اتخاذ خطوة خطيرة للاحتيال على الكسب؛ ألا وهي السماح لمثل تلك العوامل أن تتدخل بتلك الكيفية في القيم الخلقية، بزعمهم أنه في مقدور السحر أن يصير عاملا للوصول إلى الغايات الخلقية.

وسنرى فيما يأتي أن كتاب الموتى هو على الأخص كتاب للرقى والتمائم السحرية، وأنه حتى الجزء الخاص منه بحساب الآخرة لم يستمر طويلا خاليا من ذلك؛ حيث نجد أن تلك الكلمات المؤثرة التي وجهها «آني» إلى قلبه عندما كان يوزن بالموازين الأخروية، وهي قوله له: «يا قلبي لا تقم شاهدا ضدي»، صارت تدون إذ ذاك على «جعل مقدس» مصنوع من الحجر (وهو «الجعران») يوضع فوق قلب الميت، حتى يكون بمثابة أمر له نفوذ سحري فعال يمنع القلب من أن ينم على أخلاق المتوفى.

অজানা পৃষ্ঠা