وحفظت لنا مصلحة التنظيم خبر هذه الهبة بتسمية حارة ضيقة، واقعة شمالي المشغل البطرسي باسم «حارة نسب»، وحارة أخرى إلى جانبها باسم «حارة أبا الحارث»، وحارة في بركة الرطل باسم «حارة أرض الطبالة».
ووصف العلامة المقريزي أرض الطبالة بقوله: «يمر النيل الأعظم من غربيها عندما يندفع في ساحل المقس - أولاد عنان - إلى أن ينتهي بالموضع الذي يعرف بالجرف على جانب الخليج الناصري بالقرب من بركة الرطلي، ويمر من الجرف إلى غربي البعل، فتصير أرض الطبالة نقطة وسط من غربيها النيل الأعظم، ومن شرقيها البركة المعروفة ببطن البقرة والبساتين إلى آخرها، ومن بحريها أرض البعل ومنظرة التاج، فكانت رؤية هذه الأرض شيئا عجيبا في أيام الربيع.»
ووصفها علي باشا مبارك، فقال: «أرض الطبالة هي الأرض الكائنة بحري القاهرة، يحصرها الخليج الكبير والترعة الإسماعيلية - الآن ترامواي الخليج والمترو - وسور القاهرة وجامع أولاد عنان.»
فأرض الطبالة هي - بلا نزاع - الفجالة الجديدة والفجالة القديمة حتى منتصف شارع الظاهر، ويدخل فيها شارع حبيب شلبي، ومدخلها من الجهة الغربية هو ميدان باب الحديد.
وبدأت يد الخراب تلعب في بساتين الخلفاء، وما جوارها في أيام القحط العظيم الذي وقع في آخر أيام المستنصر، فقال الرحالة عبد اللطيف البغدادي: «وأما الهلالية ومعظم الشارع ودور الخليج وحارة الساسة والمقس وما تاخم ذلك؛ فلم يبق فيها أنيس، وإنما ترى مساكنهم خاوية على عروشها، وكثيرا من أهلها موتى فيها.» (13) سور قراقوش وقلعته
وبينما كانت الفجالة وقصورها تفقد بهجتها في أيام العاضد لدين الله - آخر الخلفاء الفاطميين تولى الحكم من سنة 1160 إلى 1171م - فكر صلاح الدين الأيوبي في بناء سور للقاهرة، وشرع في تنفيذ غرضه سنة 1169م، وهو وزير للعاضد، فلما تولى الملك انتدب للعمل في السور الطواشي بهاء الدين قراقوش، فبناه بالحجارة قاصدا أن يجعل على القاهرة ومصر والقلعة سورا واحدا، فزاد في سور القاهرة القطعة الممتدة من باب القنطرة إلى باب الشعرية، ومن باب الشعرية إلى باب البحر.
وكان لهذا السور خندق ممتد من باب الفتوح إلى المقس، وقال المرحوم علي باشا مبارك في وصف السور والخندق: «وشاهدت آثار الخندق باقية ووراءه سورا بأبراج له عرض كبير مبني بالحجارة، إلا أن الخندق قد انطم، وتهدمت الأسوار التي كانت من ورائه.»
وإلى هذا السور أشار القاضي الفاضل في كتابه إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي، فقال: «... والله يحيي المولى حتى يستدير بالبلدين نطاقه، ويمتد عليهما رواقه، فما عقيلة ما كان معصمها ليترك بغير سوار، ولا خصرها ليتحلى بغير منطقة نضار، والآن قد استقرت خواطر الناس، وآمنوا به من يد تتخطف، ومن يد مجرم يقدم ولا يتوقف.»
وبنى الطواشي قراقوش قلعة، إلى جانب السور، واتفق الباحثون على أنها كانت في موضع جامع أولاد عنان. (14) باب الحديد
ومن مآثر الأيوبيين في هذه الضاحية باب الحديد، الذي لا يزال ميدان المحطة الممتد إلى الفجالة معروفا به، وقد وصفه العالم الإنكليزي إدوارد ويليم لين بقوله: «... وقد أنشئ باب الحديد في أيام صلاح الدين في وقت بناء السور الثالث - سور قراقوش - وقد هدم بأمر محمد علي باشا سنة 1847م.»
অজানা পৃষ্ঠা