شرح الأربعين النووية للعثيمين
شرح الأربعين النووية للعثيمين
প্রকাশক
دار الثريا للنشر
জনগুলি
مع أهميته، لكن له شواهد في القرآن والسنة. ففي القرآن يقول الله تعالى: (وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ) (البقرة: الآية٢٧٢) فهذه نية، وقوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) (الفتح: الآية٢٩) وهذه نيّة. وقال النبي ﷺ لسعد بن أبي وقاص ﵁: وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِيْ بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلَهُ فِي فِيّ امْرَأَتِك (١) فقوله: تَبْتَغِي بِها وَجْهَ اللهِ فهذه نية، فالمهم أن معنى الحديث ثابت بالقرآن والسنة. ولفظ الحديث انفرد به عمر ﵁، لكن تلقته الأمة بالقبول التام، حتى إن البخاري ﵀ صدر كتابه الصحيح بهذا الحديث.
قوله: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى لهذه الجملة من حيث البحث جهتان: نتكلم أولًا على مافيه من البلاغة:
فقوله: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ فيه من أوجه البلاغة الحصر، وهو: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه، وطريق الحصر: إِنَّمَا لأن (إنما) تفيد الحصر، فإذا قلت: زيد قائم فهذا ليس فيه حصر، وإذا قلت: إنما زيد قائم، فهذا فيه حصر وأنه ليس إلا قائمًا. وكذلك قوله ﷺ: وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.
وفي قوله ﷺ: وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا أو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ من البلاغة: إخفاء نية من هاجر للدنيا، لقوله: فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ولم يقل: إلى دنيا يصيبها، والفائدة البلاغية في ذلك هي: تحقير ماهاجر إليه هذا الرجل، أي ليس أهلًا لأن يُذكر، بل يُكنّى عنه بقوله: إلى ماهاجر إليه.
وقوله: مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ الجواب: فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فذكره تنويهًا بفضله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا أو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا
_________
(١) رواه البخاري: كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى، حديث (٥٦) . ومسلم: كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، حديث (١٦٢٨) (٥٩) .
1 / 6