والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير وقوله تعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا وأمثال هذه الآيات في القرآن كثير كلها حملوا الدعاء فيها على النداء ثم حملوها على المؤمنين الموحدين وقالوا إن من استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين أو ناداه أو سأله الشفاعة فإنه يكون مثل هؤلاء المشركين ويكون داخلا في عموم هذه الآيات وإنهم مثل المشركين الذين كانوا يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فإن المشركين ما اعتقدوا في الأصنام التأثير وإنها تخلق شيئا بل كانوا يعتقدون أن الخالق هو الله تعالى بدليل قوله تعالى ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم فما حكم الله عليهم بالكفر والإشراك إلا لقولهم ليقربونا إلى الله زلفى فهؤلاء مثلهم وقالوا إن التوحيد نوعان توحيد الربوبية وهو الذي أقر به المشركون وتوحيد الألوهية وهو الذي أقر به الموحدون وهو الذي يدخلك في دين الإسلام وأما توحيد الربوبية فلا يكفي وكلامهم كله باطل لأن الدعاء الذي في الآيات بمعنى العبادة وهم لبسوا على الخلق وجعلوه بمعنى النداء وقد علمت بطلانه من النصوص السابقة وأما جعلهم التوحيد نوعين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية فباطل أيضا فإن توحيد الربوبية هو توحيد الألوهية ألا ترى إلى قوله تعالى ألست بربكم قالوا بلى ولم يقل ألست بإلهكم فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية ومن المعلوم أن من أقر لك بالربوبية فقد أقر له بالألوهية إذ ليس الرب غير الإله بل هو الإله بعينه وفي الحديث أن الملكين يسألان العبد في قبره فيقولان له من ربك ولم يقولا له من إلهك فدل على أن توحيد الربوبية هو توحيد الألوهية ومن العجب أن هؤلاء القوم يأتيهم المسلم فيقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فيقولون له أنت لم تعرف التوحيد وتوحيدك هذا توحيد
পৃষ্ঠা ৩৭