দিওয়ান আসরার ওয়া রুমুজ
ديوان الأسرار والرموز
জনগুলি
المدخل
خلاصة المقدمة التي كتبها إقبال لأسرار خودي
خلاصة مقال الشاعر إلى الأستاذ نكلسون
أسرار إثبات الذات
رموز نفي الذات
المدخل
خلاصة المقدمة التي كتبها إقبال لأسرار خودي
خلاصة مقال الشاعر إلى الأستاذ نكلسون
أسرار إثبات الذات
رموز نفي الذات
অজানা পৃষ্ঠা
ديوان الأسرار والرموز
ديوان الأسرار والرموز
تأليف
محمد إقبال
ترجمة
عبد الوهاب عزام
مقدمة
1
أقدم إلى قراء اللغة العربية ديوانين من دواوين الشاعر الكبير والفيلسوف العظيم محمد إقبال - رحمه الله - هما: أسرار إثبات الذات ورموز نفي الذات.
وقد قدمت إليهم من قبل ديواني رسالة المشرق وضرب الكليم، وكتابا جامعا فيه سيرة إقبال وفلسفته وشعره.
অজানা পৃষ্ঠা
وبينت في مقدمات هذه الكتب الثلاثة كيف اقترح علي أصدقاء إقبال في باكستان أن أخرجها في لغة القرآن، وكيف أخرجتها وطبعتها في باكستان ومصر.
واليوم أحدث القراء عن الأسرار والرموز.
أعود إلى ذكر أحباء محمد إقبال الذين كانوا يجتمعون في المجالس المباركة الخالدة، في دار السفارة المصرية من مدينة كراچي، على قراءة كتب إقبال والتحدث في مذهبه وسيرته، وقد تحدثت عن هؤلاء الإخوان الكرام فيما نشرت من الكتب الإقبالية.
قال الإخوان - بعد أن نشرت رسالة المشرق وضرب الكليم: اليوم يجدر بك أن تترجم المنظومتين اللتين بين فيهما إقبال مذهبه، وشرح فلسفته؛ فإن ما ترجمت من قبل شعر تظهر فيه آراء إقبال في العالم والحياة والناس، فكرا متفرقة أو دررا منثورة، وفي الأسرار والرموز فصول مرتبة يبين فيها الشاعر مذهبه في إثبات الذات ونفيها، وهما عماد فلسفته، وقطب شعره.
وانفض المجلس على أن أترجم الأسرار والرموز إلى العربية، وشرعنا نقرأ المنظومتين في مجالس متتابعة.
وأجد الآن في نسختي - التي قرأت فيها مع الإخوان - هذه الكلمات في أول الكتاب:
بدأنا القراءة في أول آذار (مارس) سنة 1952.
وفي آخر الديوان الأول:
فرغنا من القراءة والساعة ست ونصف - قبيل المغرب - يوم الأربعاء 26 شعبان سنة 1371ه/21 نيسان (أبريل) سنة 1952، ويلي هذا توقيع الإخوان.
وفي آخر الديوان الثاني:
অজানা পৃষ্ঠা
تمت القراءة والساعة ثمان من مساء يوم الأربعاء الثامن من صفر سنة 1372ه/29 أكتوبر سنة 1952م والحمد لله رب العالمين، ثم توقيع الإخوان كذلك.
فقد استمرت القراءة ثمانية أشهر، وكان مجلسنا يجتمع كل أسبوع مرة، ولا ريب أن أسفارا وأشغالا عرضت فحالت دون موالاة والاجتماع، وإلا لم تستغرق القراءة هذه الشهور الثمانية.
2
وبدأت الترجمة في شوال من السنة نفسها «تموز (يوليو) سنة 1952»، وكنت أحسب أن ترجمة هذا الديوان «الأسرار والرموز» أيسر من ترجمة الديوانين: «رسالة المشرق» و«ضرب الكليم»؛ لأنه منظوم في بحر واحد هو الرمل، على القافية المزدوجة التي تتغير فيها التقفية في كل بيت - وهي التي تسمى المثنوي في اصطلاح الأدب الفارسي - ولكن الترجمة طالت أكثر مما قدرت؛ إذ كان الديوان نظما متصلا، لا ينشط المترجم فيه نشاطه حين يترجم قصيدة من ديوان، فيرى أنه أتم عملا فيستأنف ترجمة قصيدة أخرى، فيتمها، وهلم جرا.
واليت الترجمة على العلات، وكثرة الفترات، وكنت أؤرخ، بين حين وحين، ما بلغت من الترجمة، وأذكر المكان الذي أترجم فيه، بين السفر والحضر والبر والبحر، حتى تمت ترجمة المنظومة الأولى «أسرار خودي»، فكتبت في كراسة الترجمة:
تمت ترجمة «أسرار خودي» والساعة ثلاث ونصف بالتوقيت العربي ليلة الأحد رابع أيام التشريق سنة 1372ه - 22 آب (أغسطس) سنة 1953 - في مدينة كراچي.
فقد ماطلتني الترجمة سنة، وكنت ترجمت «رسالة المشرق» في نحو أربعة أشهر، وكذلك ترجمت «ضرب الكليم».
ومضيت في ترجمة المنظومة الثانية حتى كتبت هذه العبارات:
يسر الله الفراغ من الترجمة على بعد الشقة، وطول المدى، واعتراض الشواغل، وكثرة الحوائل، يوم الأحد سابع عشر صفر سنة 1374ه - 14 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1954م - والساعة أربع وربع بعد الظهر، في دار السفارة المصرية من مدينة كراچي.
فقد شغلتني ترجمة «الأسرار والرموز» أكثر من سنتين.
অজানা পৃষ্ঠা
3
وتركت باكستان بعد شهر من انتهاء الترجمة، وكان مجمع إقبال «إقبال أكاديمي» قد أخذ علي العهد أن أعطيه الكتاب ليتولى نشره، بعد أن غلبه على «ديوان رسالة المشرق» مجلس إقبال في باكستان، وعلى «ضرب الكليم» جماعة النشر بالأزهر، وبلغ من حرص الصديق الدكتور اشتياق حسين قريشي - وزير المعارف ورئيس مجمع إقبال - أن ألزمني الوعد بإيثار مجمع إقبال بنشر الكتاب، أمام السيدة الجليلة فاطمة جناح أخت القائد الأعظم محمد علي جناح.
وكان مجمع إقبال، فاوض دار المعارف في القاهرة لنشر الكتاب، وسافرت من باكستان، فلم أفرغ للكتاب فتأخر نشره.
وراجعت الترجمة في الحضر والسفر، ويجد المطلع في كراستي عبارات تدل على أن المراجعة والتحرير كانا في الحجاز واليمن ومصر وعلى السفن في البحار.
ثم يسر الله أن أقدم بعض الكتاب لدار المعارف في شهر شباط (فبراير) الماضي فشرعت في طبعه، وواليت تقديم صفحات الكتاب حتى قدمت آخره حين تم التبييض والمراجعة وقت الأصيل يوم السبت حادي عشر هذا الشهر «شهر شعبان» سنة 1375ه - 24 آذار (مارس) 1956م - في مدينة جدة.
فقد أمضيت ثلاث سنوات ونصف وأنا في شغل بترجمة هذا الكتاب وتحريره، ولولا صحة العزم، وعظم الرغبة ما تيسرت ترجمة هذا الديوان القيم، ولحال اليأس أو العجز دون إتمامه.
4
لا أعرض لطريقة الترجمة، ولا أتحدث عن صعوبتها، ولا سيما ترجمة النظم بالنظم على اختلاف اللغتين في المجازات والأساليب، وعلى غرابة الموضوع، فقد أبنت عن هذه وهذه في مقدمة الديوانين: «رسالة المشرق» و«ضرب الكليم».
على أن في الترجمة جانبا من اليسر؛ لأن معظم الاصطلاحات عربي، وأن الموضوع إسلامي على ما فيه من فلسفة.
وبعد، فإلى قراء العربية أقدم الديوانين الثالث والرابع من دواوين إقبال التي تجشمت ما تجشمت في نقلها إلى العربية حرصا على إشاعة ما فيها من دعوة إلى الحياة والأمل والعمل، والسمو بالإنسان إلى أعلى ما قدر للإنسان من ارتقاء ورغبة في إمداد أدبنا بهذا الضرب من الأدب الإسلامي الإنساني الرفيع.
অজানা পৃষ্ঠা
والله ولي التوفيق.
عبد الوهاب عزام
11 شعبان 1375ه/24 آذار 1955م
المدخل
بينت بيانا شافيا فلسفة إقبال في كتابي «محمد إقبال، سيرته وفلسفته وشعره» وأجملت آراءه كما بينها في ديوان «الأسرار والرموز» فليرجع إلى الكتاب من يرغب في الاستزادة.
وفي هذا المدخل نبين - في إيجاز - فلسفة إقبال وآراءه التي يستخلصها قارئ «أسرار إثبات الذات ورموز نفي الذات».
أذكر طرفا مما ثار حول الديوان من جدال، ثم أعرض على القارئ خلاصة المقدمة التي كتبها إقبال باللغة الأردية لكتاب «الأسرار والرموز» ثم حذفها بعد الطبعة الأولى، وأعرض عليه كذلك خلاصة ما كتبه إقبال تبيانا لمذهبه حينما سأله هذا الأستاذ المستشرق الإنكليزي نكلسون مترجم الأسرار إلى اللغة الإنكليزية.
1
نشر الشاعر الفيلسوف محمد إقبال أول دواوينه الفلسفية «أسرار خودي» سنة 1915م، وهو منظومة طويلة في بحر واحد، وعلى القافية المزدوجة، مقسمة إلى فصول يوضح فيها الشاعر فلسفته في الذاتية فكرة بعد فكرة، ويصورها في صور شعرية رائعة.
ثم نشر ديوانه الثاني المتصل بهذا الديوان «رموز بي خودي» وهي كلمة فارسية تدل على الأثرة والإعجاب بالنفس، ولكن إقبالا نقلها إلى معنى آخر جعله قاعدة فلسفته، هو تعرف الإنسان نفسه، وتقويتها، وإخراج ما أودع فيها من مواهب.
অজানা পৃষ্ঠা
رأى الصوفية في الذاتية أمرا نكرا؛ إذ كان التصوف - بزعمهم - يقصد إلى إذلال النفس وإماتتها حتى تؤهل للفناء في الله.
وزاد الصوفية ثورة على شاعر الحياة والقوة أنه عمد إلى إمام من أئمتهم وشاعر من أعاظم شعرائهم «لسان الغيب حافظ الشيرازي» فحط من شأنه وغض من طريقته، ونهى الناس عنها، وحذرهم منها، وكذلك خالف محيي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر، وغلطه، وقال: إن آراءه غير إسلامية.
وقد أجاب إقبال المعترضين أجوبة منها قوله في رسالة إلى الشيخ حسن نظامي: ... إني بفطرتي وتربيتي أنزع إلى التصوف، وقد زادتني فلسفة أوروبا نزوعا إليه، فإن هذه الفلسفة في جملتها تنزع إلى وحدة الوجود؛ ولكن تدبر القرآن المجيد، ومطالعة تاريخ الإسلام بإمعان عرفاني غلطي، وبالقرآن عدلت عن أفكاري الأولى، وجاهدت ميلي الفطري، وحدت عن طريق آبائي.
إن الرهبانية ظهرت في كل أمة وعملت لإبطال الشريعة والقانون؛ والإسلام في حقيقته هو دعوة إلى مخالفة الرهبانية.
والتصوف الذي شاع بين المسلمين - أعني التصوف العجمي - أخذ من رهبانية كل أمة، وجهد أن يجذب إليه كل نحلة، حتى القرمطية التي قصدت إلى التحلل من الأحكام الشرعية.
إن حالة السكر - في اصطلاح الصوفية - تنافر الإسلام وقوانين الحياة، وحالة الصحو - وهي الإسلام - توافق قوانين الحياة، وإنما قصد الرسول
صلى الله عليه وسلم
إنشاء أمة صاحية، ولهذا نجد في صحابة الرسول الصديق والفاروق، ولا نجد حافظا الشيرازي ...
ولا أنكر عظمة الشيخ ابن عربي وفضله، بل أعده من كبار فلاسفة المسلمين، ولا أرتاب في إسلامه؛ فإنه يحتج لعقائده، كقوم الأرواح ووحدة الوجود، بالقرآن مخلصا، فآراؤه على صوابها وغلطها قائمة على تأويل القرآن.
وأرى أن تأويله غير صحيح، فأنا أعده مسلما مخلصا، ولا أتبعه في مذاهبه.
অজানা পৃষ্ঠা
ويقول في رسالة أخرى إلى أحد المعترضين:
الحق أن التماس معان باطنة في قانون أمة، هو مسخ لهذا القانون، كما يعلم من سيرة القرامطة، ولا يختار هذه الطريقة إلا أمة في فطرتها الخنوع والذلة.
وفي شعراء العجم جماعة في طباعهم الميل إلى الإباحة ... وقد افتن هؤلاء الشعراء في إبطال شعائر الإسلام بأساليب عجيبة خداعة.
وفي رسالة أخرى إلى هذا المعترض نفسه يقول إقبال:
كل شعر التصوف ظهر في زمان ضعف المسلمين السياسي، وكل أمة يصيبها ضعف كالذي أصاب المسلمين بعد غارات التتار، تتبدل أنظارها وتجمل الاستكانة في أعينها، وتركن إلى ترك الدنيا، وفي هذا الترك تخفي ضعفها وهزيمتها في تنازع البقاء ...
خلاصة المقدمة التي كتبها إقبال لأسرار خودي
ما هذا الشيء الذي نسميه «أنا» أو «خودي» أو «مين»
1
الذي يبدو في أعماله ويخفى في حقيقته، والذي يخلق كل المشاهدات، ولكن لطافته لا تحتمل المشاهدة؟ أهو حقيقة دائمة أم أن الحياة تجلت في هذا الخيال الخادع، وهذا الكذب النافع، تجليا عرضيا لتحقيق مقاصدها العملية الراهنة؟
إن سيرة الأفراد والجماعات موقوفة على جواب هذا السؤال ... ولكن جواب هذا السؤال لا يتوقف على المقدرة الفكرية في الآحاد والجماعات، كما يتوقف على طباعها وفطرتها، فأمم الشرق المتفلسفة أميل إلى أن تعتبر «أنا» في الإنسان من خداع الخيال، وهي تعد الخلاص من هذا الغل نجاة، وميل أهل الغرب إلى العمل ساقهم إلى ما يلائم طباعهم في هذا البحث.
অজানা পৃষ্ঠা
ويمضي إقبال في مقدمته قائلا:
اختلطت في عقول الهنادك وقلوبهم النظريات والعمليات اختلاطا عجيبا، ودقق حكماؤهم في حقيقة العمل، وانتهوا إلى هذه النتيجة: إن حياة «أنا» المسلسلة، وهي أصل المصائب والآلام، تنشأ من العمل، وإن حالة النفس الإنسانية نتيجة محتومة لأعمالها.
وكانت رسالة الإسلام في غربي آسيا دعوة إلى العمل بليغة، فالإسلام يرى أن «أنا» مخلوق ينال الخلود بالعمل، ولكن تشابها عجيبا في تاريخ الفكر الهندي والإسلامي، يظهر في بحث هذه المسألة، فالفكرة التي فسر بها شنكر أچاريه، كتاب الجيتا «كيتا» هي الفكرة التي فسر بها القرآن محيي الدين بن عربي الأندلسي، وكان له أثر بليغ في عقول المسلمين وقلوبهم، جعل ابن عربي بعلمه ومكانته مسألة وحدة الوجود عنصرا في الفكر الإسلامي، واقتفى أثره أوحد الدين الكرماني وفخر الدين العراقي، حتى اصطبغ بهذه الصبغة كل شعراء العجم في القرن السادس الهجري.
خاطب فلاسفة الهند العقل في إثبات وحدة الوجود، وخاطب شعراء إيران القلب، فكانوا أشد خطرا وأكثر تأثيرا، حتى أشاعوا بدقائقهم الشعرية هذه المسألة بين العامة؛ فسلبوا الأمة الإسلامية الرغبة في العمل.
وتمتاز أمم الغرب بين أمم العالم بميلها إلى العمل، فآراؤهم خير دليل لأمم المشرق إلى فهم أسرار الحياة.
وبدأت الفلسفة الجديدة في الغرب من وحدة الوجود التي دعا إليها الفيلسوف الهولندي الإسرائيلي،
2
ولكن مسحة العمل غلبت على طبائع الغرب، فلم يلبث طويلا طلسم وحدة الوجود التي أثبتت بأدلة رياضية، سبق الألمان إلى إثبات حقيقة «أنا» الإنسانية المستقلة، ثم تحرر من هذا الطلسم الخيالي فلاسفة الغرب على مر الزمان ولا سيما فلاسفة الإنكليز.
ويختم إقبال بقوله:
هذه خلاصة تاريخ المسألة التي هي موضوع هذه المنظومة، وقد اجتهدت أن أحرر هذه المسألة الدقيقة من تعقيد الأدلة الفلسفية، وألونها بألوان الخيال ليتيسر إدراك حقيقتها.
অজানা পৃষ্ঠা
ولم أقصد بهذه الديباجة إلى تفسير هذه المنظومة، ولكن أردت أن أدل على الطريق من لم يلم من قبل بدقائق هذه المسألة العسيرة.
ولا ينبغي هنا أن أتناول هذه المنظومة من حيث الشعر، فإنما خيال الشعر فيها وسيلة إلى توجيه الناس إلى هذه الحقيقة:
إن لذة الحياة مرتبطة باستقلال «أنا» وبإثباتها وإحكامها وتوسيعها، وهذه الدقيقة تمهد إلى فهم حقيقة «الحياة بعد الموت».
وينبغي أن يعلم القراء أن لفظ «خودي» لا يستعمل في هذه المنظومة بمعنى الأثرة كما تستعمل في اللغة الأردية غالبا، إنما معناها الإحساس بالنفس أو تعيين الذات.
وهي بهذا المعنى في كلمة «بيخودي» كذلك.
هوامش
خلاصة مقال الشاعر إلى الأستاذ نكلسون
مذهب الأستاذ بريدلي أن كل مركز للشعور محدود، أي كل ذات مفردة، خداع نظر باطل، وأنا أقول - على خلاف هذا: إن مركز الشعور المحدود الذي لا يدرك «الذات» هو حقيقة الكائنات، فالذات حق لا باطل.
الحياة كلها فردية، وليس للحياة الكلية وجود خارجي، وحيثما تجلت الحياة تجلت في شخص أو فرد أو شيء، والخالق كذلك فرد؛ ولكنه أوحد لا مثل له.
وظاهر أن هذا التصور للكائنات يخالف كل المخالفة ما ذهب إليه شراح فلسفة هيكل من محدثي الإنكليز، ويخالف أصحاب وحدة الوجود الذين يرون أن مقصد حياة الإنسان: أن يفني نفسه في الحياة المطلقة أو «أنا» المطلق، كما تفنى القطرة في البحر.
অজানা পৃষ্ঠা
أرى أن هدف الإنسان الديني والأخلاقي، إثبات ذاته لا نفيها، وعلى قدر تحقيق انفراده أو وحدته، يقرب من هذا الهدف.
قال الرسول
صلى الله عليه وسلم : «تخلقوا بأخلاق الله» فكلما شابه الإنسان هذه الذات الوحيدة كان هو كذلك فردا بغير مثيل.
وتنقص فرديته على قدر بعده من الخالق، والإنسان الكامل هو الأقرب إلى الله، ولكن ليس القصد من هذا القرب أن يفني وجوده في وجود الله - كما تقول فلسفة الإشراق - بل هو على عكس هذا، يمثل الخالق في نفسه.
الحياة رقي مستمر، تسخر كل الصعاب التي تعترض طريقها، وحقيقتها أن تخلق دائما مطالب ومثلا جديدة، وقد خلقت من أجل اتساعها وترقيها آلات كالحواس الخمس والقوة المدركة لتقهر بها العقبات والمشقات.
وأشد العقبات في سبيل الحياة: المادة أو الطبيعة، ولكن المادة ليست شرا كما يقول حكماء الإشراق، بل هي تعين الذات على الرقي، فإن قوى الذات الخفية تتجلى في مصادمة هذه العقبات.
وإذا قهرت الذات كل الصعاب التي في طريقها بلغت منزلة الاختيار، الذات نفسها فيها اختيار وجبر، ولكنها إذا قاربت الذات المطلقة نالت الحرية الكاملة، والحياة جهاد لتحصيل الاختيار، ومقصد الذات أن تبلغ الاختيار بجهادها.
دوام الذات أو الشخصية
مركز حياة الإنسان ذات «خودي» أو شخص، أعني: أن الحياة حينما تتجلى في الإنسان تسمى ذاتا.
وشخصية الإنسان - من الوجهة النفسانية - حال من التوتر، ودوام الشخصية موقوف على هذه الحال، فإن زالت هذه الحال عقبتها حال من الاسترخاء مضرة بالذات، فإن يكن في حالة التوتر هذه كمال الإنسان فأول فرض عليه أن يعمل لدوام هذه الحال والحيلولة دون حال الاسترخاء.
অজানা পৃষ্ঠা
وكل ما يمكننا من إدامة حال التوتر يمكننا من الخلود.
وهذا التصور للشخصية يقوم معيارا ليقيم الأشياء، أعني أن في ذاتنا معيار الحسن والقبح، وبهذه تحل مسألة الخير والشر، فما يقوي الذات خير وما يضعفها شر، ويجب أن يقوم الدين والأخلاق والفنون بهذا المعيار أيضا.
واعتراضي على أفلاطون هو في أصله اعتراض على كل النظم الفلسفية التي تقصد إلى الفناء لا البقاء والتي تغفل المادة، وهي أكبر العقبات في سبيل الحياة، وتدعو إلى الفرار منها لا إلى تسخيرها والتسلط عليها.
وكما تعرض مسألة المادة في مبحث حرية الذات، تعرض مسألة الزمان في مبحث خلودها.
يقول برجسون: إن الزمان ليس خطا ممتدا إلى غير نهاية يتحتم علينا المرور به، هذا التصور للزمان غير صحيح، فالزمان الخالص لا يدخل فيه تصور الطول، أي لا نستطيع قياسه بمقياس الليل والنهار.
إن خلود الذات أمل، من أراد أن يظفر به فليجد ويدأب لبلوغه، والظفر به موقوف على أن نسلك طريقا للفكر والعمل في هذه الحياة يعيننا على حفظ حالة التوتر، ولا يستطيع إبلاغنا هذا الأمل دين بوذا والتصوف العجمي، وما إلى هذين من نظم الأخلاق الأخرى، لقد أضرت بنا هذه الطرق فأضرعتنا وأنامتنا، إن هذه المذاهب هي الليالي في أيام حياتنا.
تربية الذات
لا ريب أن الذات تستحكم بالعشق، ومفهوم العشق هنا واسع جدا، ومعناه: إرادة الجذب والتسخير ، وأعلى أشكاله أن يخلق مقاصده ويجد في نيلها، وخاصة العشق إفراد العاشق والمعشوق، أعني: إظهار الانفراد والاستقلال فيهما، وإذا جد الطالب في طلب الأوحد الأسمى ظهر فيه التوحد، ويتحقق ضمنا توحد المطلوب؛ لأنه إن لم يكن واحدا مستقلا بنفسه لم يسكن الطالب إليه، إنما يمكن عشق شخص أو وجود معين، ولا يمكن لشخص عشق كائن غير مشخص.
وكما تستحكم الذات بالعشق تضعف بالسؤال، وكل ما ينال بغير جهد يعد سؤالا، فالذي يرث مال غيره سائل، والذي يتبع أفكار غيره أو يدعيها لنفسه سائل.
والخلاصة: أنه ينبغي - لأجل إحكام الذات - أن نخلق في أنفسنا العشق، ونتجنب كل ضروب الاستجداء (أي: البطالة).
অজানা পৃষ্ঠা
إن في حياة الرسول
صلى الله عليه وسلم
أسوة حسنة للمسلم، فقد كانت حياته خير مثل للسعي الدائم، لقد كانت حياته كلها صورة للعمل.
أشرت في فصول من هذا المثنوي إلى أصول فلسفة الأخلاق الإسلامية، وبينت أن لكمال الذات ثلاث مراحل: (1)
إطاعة القانون الإلهي. (2)
وضبط النفس. (3)
والنيابة الإلهية.
والنيابة الإلهية في هذه الدنيا هي أعلى درجات الرقي الإنساني، ونائب الحق «الله» خليفة الله في الأرض، وهو أكمل ذات تطمح إليها الإنسانية، وهو معراج الحياة الروحي.
وأول شرط لظهور نائب الحق أن ترقى الإنسانية في جانبيها الروحي والجسمي؛ فإن ارتقاء الإنسانية يقتضي ظهور أمة مثالية يتجلى في أفرادها - في الجملة - هذا التوحد الذاتي، وتصلح لأن يظهر فيها نائب الحق.
فمعنى سلطان الله في الأرض: أن تقوم فيها جماعة شورية يتوحد أفرادها، ويقوم على هذه الجماعة واحد يمكن أن يسمى نائب الحق أو الإنسان الكامل، وهذا الإنسان الكامل يبلغ ذروة الكمال التي لا تتصور فوقها ذروة.
অজানা পৃষ্ঠা
وقد رأى نطشه (الفيلسوف الألماني المعروف) ضرورة ظهور هذه الأمة المثالية، ولكن دهريته وإعجابه بالسلطان مسخا فلسفته كلها ا.ه. •••
هذه خلاصة رسالة إقبال إلى الأستاذ نكلسون، وحسبنا في إيضاح مذهبه ما قدمنا من تلخيص رسائله ومقدمته لأسرار الذات، ورسالته إلى نكلسون.
أسرار إثبات الذات
رأيت الشيخ بالمصباح يسعى
له في كل ناحية مجال
يقول: مللت أنعاما وبهما
وإنسانا أريد، فهل ينال؟
برمت برفقة خارت قواها
برستم أو بحيدر اندمال
1
অজানা পৃষ্ঠা
فقلنا: ذا محال، قد بحثنا،
فقال: ومنيتي هذا المحال
مولانا جلال الدين الرومي
تمهيد
ليس في أعواد غابي سقط
هي للمنبر أو أعواد صلب
2
نظيري النيسابوري
قطع الصبح على الليل السفر
فهمى دمعي على خد الزهر
অজানা পৃষ্ঠা
غسل الدمع سبات النرجس
وصحا العشب بمسرى نفسي
جرب الزارع قولي محصدا
مصرعا ألقى، وسيفا حصدا
إنه حب دموعي زرعا
نسج الروض وأناتي معا
ذرة قد نالت الشمس أنا
كم صباح في فؤادي كمنا
طينتي من جام جم أنور
من غيوب الكون عندي خبر
অজানা পৃষ্ঠা
3
صيد أفكاري ظباء لم ترم
لم تسيب بعد من قيد العدم
زان بستاني عشب ما ظهر
وجنيت الورد في جوف الشجر
4
محفل الشادين مني يرجف
في وتار الكون كفي تعزف
صامت في رباب الفطرة
ما وعى عني جليسي نغمتي
অজানা পৃষ্ঠা
إنني شمس قريب مولدي
حبكا في فلك لم أعهد
لم يرع ضوئي سرب الزهر
أو يرجرج زئبقي في البصر
5
ما رأت رقص ضيائي الأبحر
أو كسا الأطواد ثوبي الأحمر
عين هذا الكون لي لا تعهد
أنا من خوف طلوع أرعد
مزق الظلمة فجري فسفر
অজানা পৃষ্ঠা
وبدا طل جديد في الزهر
إنني أرقب صبحا معلما
حبذا من حول ناري زمزما
6 •••
أنا لحن دون ضرب صعدا
أنا صوت شاعري يأتي غدا
7
دون عصري كل سر قد خفي
ما بهذي السوق يشرى يوسفي
8
অজানা পৃষ্ঠা
أنا في يأس من الصحب القديم
مشعل طوري ليغشاه كليم
9
بحر صحبي قطرة لا تزخر
قطرتي كاليم فيه صرصر
من وجود غير هذا لي غناء
ولركب غير هذا لي حداء
كم تجلى شاعر بعد الحمام
يوقظ الأعين حينا وينام
وجهه من ظلمة الموت سفر
অজানা পৃষ্ঠা