والطيف يصغي للفراغ كأنه ... لص يصيخ إلى المكان الخالي
وكأنه " الأعشى " يناجي " مية " ... ويلملم الذكرى من الأطلال
والشهب أغنية يرقرقها الدجى ... في أفقه كالجدول السلسال
والوهم يحدو الذكريات كمدلج ... يحدو القوافل في بساط رمال
والرعب يهوي مثلما تهوي على ... ساح القتال جماجم الأبطال
***
وهنا ترقبت انهياري مثلما ... يترقب الهدم الجدار البالي
وسألت جرحي هل ينام ضجيجه ؟ ... وأمر من رد الجواب سؤالي !
وأشد مما خفت منه تخوفي ... وأشق من وعر الطريق كلالي !
وأخس من ضعفي غروري بالمنى ... واليأس يضحك كالعجوز حيالي !
وأمض من يأسي شعوري أنني ... حي الشهية ؛ ميت الآمال
أسري كقافلة الظنون وأجتدي ... شبح الظلام وأهتدي بضلالي
وأسير في الدرب الملفح بالدجى ... وكأنني أجتاز ساح قتال
وأتيه والحمى تولول في دمي ... وترتل الرعشات في أوصالي
***
لا تسأليني عن مجالي : في الثرى ... جسدي وروحي في الفضاء العالي
وسألتها : ما الأرض ؟ قالت إنها ... فلوات أوحاش وروض صلال
إن كنت محتالا قطفت ثمارها ... أولا : فانك فرصة المحتال
وأنا هنا أشقى وأجهل شقوتي ... وأبيع في سوق الفجور جمالي
***
والعمر مشكلة ونحن نزيدها ... بالحل إشكالا إلى إشكال
لا حر في الدنيا فذو السلطان في ... دنياه عبد المجد والأشغال
والكادح المحروم عبد حنينه ... فيها : ورب المال عبد المال
والفارغ المكسال عبد فراغه ... والسفر عبد الحل والترحال
واللص عبد الليل والدجال في ... دنياه عبد نفاقه الدجال
لا حر في الدنيا ولا حرية ... إن التحرر خدعة الأقوال
الناس في الدنيا عبيد حياتهم ... أبدا عبيد الموت والآجال
***
وسألتها ما الموت ؟ قالت : إنه ... شط الخضم الهائج الصوال
وسكونه الحاني مصير مصائر ... وهدوؤه دعة وعمق جلال مالي أحاذره وأخشى قوله ... وأنا أجر وراءه أذيالي ؟ !
পৃষ্ঠা ৫০