ধু নুরাইন উসমান ইবনে আফান

আব্বাস মাহমুদ আল-আক্কাদ d. 1383 AH
86

ধু নুরাইন উসমান ইবনে আফান

ذو النورين عثمان بن عفان

জনগুলি

ومنهم من كان يزجره ولاة عثمان؛ لأنه كان يهذر في الدين بما لا يعلم، أو يهذر فيه بما يعلم أنه الباطل ويضمر من ورائه سوء النية، كعبد الله بن سبأ المشهور بابن السوداء، فقد أخرجه الولاة من بلد إلى بلد؛ لأنه كان يقول برجعة النبي إلى الدنيا وحلول روح الله في علي، وقد كان علي رضي الله عنه أشد على ابن السوداء هذا من عثمان وولاته.

وبين هؤلاء الشاغبين يسمع النصح الصادق من رجل كأبي ذر يروعه البذخ والترف؛ فيدعو إلى التقوى والصلاح، وينعي على الذين يكنزون الذهب والفضة ويحبسونهما عن الخير والصدقة؛ فتحسب صيحته على عثمان ولا قبل لعثمان بتغيير الزمن وتبديل الأوان، وقد حذر منه قبل أوانه الصديق، ثم حذر منه الفاروق وجلة الصحابة الأكرمين. ولا شيء يجنى من تلك الصيحة إلا أن تملي للشاغبين في شغبهم، وهم لا يصدقون صدق أبي ذر ولا يتقون تقواه.

ولقد أشير على عثمان بالضرب على أيدي الشاغبين، وكان عمرو بن العاص أول من قال له: إنه قد لان لهم في المقال، ولم يجزهم بما استحقوه من جزاء، ومن محنة الإمامة في ذلك الزمن أن يلام الإمام على النقيضين: على الرأفة بالشاكين، وعلى أنه أغضبهم ولم يجبهم إلى ما سألوه. •••

ولما جمع مجلسه للشورى كان من ناصحيه من أشار عليه بأن يشغل الناس بالجهاد؛ فلم يرض أن يكون الجهاد سياسة يحمي بها نفسه ويشغل بها الساخطين عليه.

وكان من ناصحيه من أشار عليه باتخاذ الحرس أو بالسفر إلى الشام؛ فلم يقبل هذا ولا ذاك.

وكان رأي علي أن يشتد في حساب الولاة، وأن يعزل منهم من نهج في الولاية منهجا لم يكن يرضاه قبله الفاروق ولا الصديق، ولو فعل لعزل معاوية أول من عزل، ولكن ولاية معاوية في الشام كانت أقل الولايات شغبا عليه.

وللسائل في أمثال هذه المآزق أن يسأل: «فعل عثمان هذا أو ذاك فسخطوا عليه، فهل يرضون عنه لو لم يفعل هذا وذاك؟!»

واليقين في رأينا أن الرضى عنه في أمثال ذلك المأزق مطمع لا يرام؛ لأن أساس البلاء كله سهولة الشكوى من الدهماء، ومتى سهلت الشكوى فالإعراض عنها محنة، واستجابتها محنتان؛ لأنها تغري بالشكوى من جديد، وتزيد البلاء بزيادة السهولة طمعا في دوام الإصغاء.

وتحسب على عثمان أخطاء وهنات جنت عليه، وساعدت من أراد أن يتجنى عليه بالحق وبالباطل، منها: توسعه في حقوق الإمامة، وتوسعه في معيشة الغنى بعد خليفتين كانا مثالا في التقشف والرضى بالقليل، وقد توسع كذلك في تقريب ذوي قرابته واصطفائهم لأعماله وبطانته، ولم يردعهم أن يجبهوا كبار الصحابة من أمثال علي وعبد الرحمن بن عوف بسوء المظنة والتهمة الجائرة؛ فجعلوهم في حيرة من أمرهم: إن دخلوا في أمر الفتنة على عزم وقوة لم يأمنوا التهم، وإن تجنبوا الأمر كله عزلوا عثمان حتى يشعر الناس بعزلته، وقد ظن من ظن بعد تفاقم الشر أن عثمان إنما صرف من تطوعوا لحراسته في داره؛ لأنه لم يكن على طمأنينة من جانبهم، فتفرقوا وأحس الشاغبون حول الدار من تفرقهم كأنهم خاذلوه. •••

ومن الإنصاف له أن يقال: إن تقصيره في حق نفسه كان أكبر من تقصيره في حق رعيته؛ فقد أفرط في المسالمة واغتفر ما لا يغتفر من العدوان عليه في حضرته، وتحرج غاية التحرج من البطش بمساعير الفتنة؛ لأنه لم يكن من الغرور بحيث يبرئ نفسه من تبعة سخطهم، ولم يكن من الأثرة بحيث يدرأ عن نفسه الخطر، وهو لا يبالي أكان على خطأ أم كان على صواب.

অজানা পৃষ্ঠা