بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة
بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة
প্রকাশক
مكتبة الآداب
সংস্করণের সংখ্যা
السابعة عشر
জনগুলি
أي: وشيء ما من رضوانه أكبر من ذلك كله؛ لأن رضاه سبب كل سعادة وفلاح، ولأن العبد إذا علم أن مولاه راضٍ عنه فهو أكبر في نفسه مما وراءه من النعم، وإنما تهنأ له برضاه، كما أنه إذا علم بسخطه تنغّصت عليه، ولم يجد لها لذة، وإن عظمت.
وقد جاء للتعظيم والتكثير جميعا، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [فاطر: ٤] أي: رسل ذوو عدد كثير، وآيات عظام١، وأعمار طويلة، ونحو ذلك.
والسكاكي٢ لم يفرق بين التعظيم والتكثير، ولا بين التحقير والتقليل، ثم جعل التنكير في قولهم: "شر أهر ذا ناب" للتعظيم، وفي قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ﴾ [الأنبياء: ٤٦] لخلافه، وفي كليهما نظر؛ أما الأول فلما سيأتي٣، وأما الثاني فلأن خلاف التعظيم مستفاد من البناء للمرة، ومن نفس الكلمة٤؛ لأنها إما من قولهم: "نفحت الريح" إذا هبت، أي: هبة، أو من قولهم: "نفح الطيب" إذا فاح، أي: فوحة، كما يقال: شمة، واستعماله بهذا المعنى في الشر استعارة؛ إذ أصله أن يستعمل في الخير؛ يقال: "له نفحة طيبة" أي: هبة من الخير. وذهب أيضا إلى أن قوله تعالى: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ [مريم: ٤٥] بالتنكير دون "عذاب الرحمن" بالإضافة؛ إما للتهويل أو لخلافه٥، والظاهر أنه لخلافه، وإليه
١ قد يقال: إن الذي في الآية تنكير رسل، فيدل على عِظَمهم لا على عظم الآيات، وأُجيب بأنه يشير بهذا إلى أنه هو المراد بعظم الرسل، أو إلى أنه داخل في عظمهم. ٢ المفتاح ص١٠٣. ٣ من أن تقديم المسند إليه في ذلك للتخصيص لا للتعظيم؛ لأن المعنى: ما أهر ذا ناب إلا شر. ٤ لا يخفى أن هذا لا يمنع أن يكون للتنكير دلالة عليه أيضا؛ لأن المعنى الواحد قد يجتمع فيه دلالتان وثلاث لغرض من الأغراض. ٥ خلاف التهويل هو التهوين.
1 / 95