ثم إن أمير المؤمنين عليه السلام لما رأى اصرار الناس على بيعته ارتقى المنبر في مسجد النبي صلى الله عليه وآله يوم الجمعة فقال: إني كنت كارها لأمركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم. ألا وإنه ليس لي أمر دونكم. ألا إن مفاتيح مالكم معي، ألا وإنه ليس لي أن آخذ منه درهما دونكم. رضيتم ؟!
قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد عليهم! ثم بايعهم على ذلك(2).
وكان فيمن بايعة طلحة والزبير وعموم المهاجرين والأنصار ممن شهد بيعة العقبة وحرب بدر، ومن حضر في المدينة من أهل مصر والكوفة والبصرة.
وقد تداك الناس على أمير المؤمنين عليه السلام تداك الإبل على حياضها يوم ورودها؛ لشدة ازدحامهم عليه وحرصهم على البيعة له والصفقة بها على يده، رغبة بتقديمه على كافتهم، وتوليته أمر جماعتهم، لا يجدون عنه معدلا، ولا يخطر ببالهم سواه لهم موئلا(3).
وقد ذكر أمير المؤمنين عليه السلام أمير بيعته في خطبة له قال فيها:
فما راعني من الناس إلا وهم رسل إلي كعرف الضبع يسألوني أن ابايعهم، وانثالوا علي حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة(4) الغنم(5).
وقال عليه السلام: وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير، وهدج(6) إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسرت إليها الكعاب(7) و(8).
পৃষ্ঠা ৫৪