دور القبائل اليمانية في نصرة أهل البيت عليهم السلام
إسلام القبائل اليمانية
كانت اليمن في مطلع البعثة النبوية خاضعة لتسلط الأجانب، وكانت بيئة تتأجج فيها نيران الاختلافات والمنازعات القبلية. وسنلقي فيما يأتي نظرة سريعة على التركيب القبلي في المجتمع اليماني، وعلى الموقع السياسي والجغرافي والعسكري لهذه القبائل، وارتباطاتها ببعضها، وصولا إلى التعرف على هيكل السلطة القبلية وتأثيرها في الميل إلى الإسلام والتشيع.
قبيلة حمير
قبيلة تنتمي في رأي علماء الأنساب إلى قحطان بن يعرب بن يشجب بن سبأ ( حمير وكهلان ).
وتنسب قبيلة حمير إلى شجرة حمير في الجنوب الشرقي من اليمن، وتعيش هذه القبيلة في مناطق ظفار وقلعتهم الشهيرة « ريدان »، وتنتشر طوائف منها في المناطق الجبلية المحاذية للبحر. وتسيطر هذه القبيلة على « قنا » أهم ميناء في حضرموت. ويمكن تحديد منطقة حمير بصورة عامة بأنها تمتد شمالا إلى صنعاء، وجنوبا إلى عدن، وشرقا إلى شبوه، وغربا إلى ساحل البحر الأحمر.
وقد أدى النزاع المستمر بين العشائر الحميرية إلى إضعافها، فانتهى الأمر بها إلى الخضوع لسيطرة الأجانب. وكان كل واحد من الأمراء الحميريين عند دخول الإسلام إلى اليمن يحكم منطقة معينة ويلقب بالملك. ويتضح من رسائل الرؤساء الحميريين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، ورسائله صلى الله عليه وآله في جوابهم أن أولئك الرؤساء كانوا يتمتعون بقدر من الاستقلال الداخلي في إدارة أمور مناطقهم.
পৃষ্ঠা ১
إسلام حمير بادر زرعة ذو يزن من القادة الحميريين إلى الدخول في الإسلام، فأرسل في السنة التاسعة للهجرة رسالة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يعلن فيها إسلامه(1). وبعد عودة رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك قام عدد من زعماء حمير ( هم الحارث بن عبد كلال، وشريح بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، وقيل ذو رعين ومعافر ) بإرسال سفير إلى رسول الله في المدينة يدعى مالك بن مرارة الرهاوي، فأعلموه بإسلامهم. فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوهم إلى عبادة الواحد الأحد، وإلى جهاد المشركين، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وأمرهم بتسليم صدقاتهم إلى معاذ بن جبل ومالك بن مرارة(2).
قبائل حضرموت
تحتل حضرموت مساحة واسعة من اليمن، وتقع في الجنوب من الجزيرة العربية بمحاذاة البحر، وتنتهي من الشرق إلى حدود عمان، ومن الغرب إلى شرق عدن. وتعيش في هذه المنطقة عدة قبائل، منها قبيلة مهرة التي تحتل الساحل الجنوبي الشرقي، وقبيلة حضرموت التي تحتل المنطقة الوسطى، في حين تتوزع قبائل صدف وتجيب وسكاسك وسكون ( من كندة ) في المناطق التي تقع في الشمال.
اسلام قبائل حضرموت
بعثت قبيلة مهرة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مهري بن أبيض في جماعة، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الإسلام، فأسلموا بأجمعهم، فكتب صلى الله عليه وآله لهم كتابا أن لا يتعرض لهم أحد بسوء، وأوصاهم برعاية أحكام الإسلام(3).
পৃষ্ঠা ২
وقدم وفد حضرموت على رسول الله صلى الله عليه وآله، وهم بنو وليعة ملوك حضرموت حمدة ومخوس ومشرح وأبضعة فأسلموا. وقدم على النبي صلى الله عليه وآله وائل بن حجر الحضرمي فأسلم، فدعا له النبي صلى الله عليه وآله وكتب له كتابا جعل له ما في يديه من الأرض والحصون، وأوصاه بالعدل(4).
ويتضح من المصادر التاريخية أن قبائل حضرموت لم تكن متحدة بينها، وأن زعماء تلك القبائل ويدعون بالأقيال كانوا يحكمون مناطقهم بصورة مستقلة. ويحدثنا المؤرخ اليعقوبي في تاريخه عن نزاعات ومعارك دموية كانت تدور بين كندة وحضرموت(5).
قبيلة مذحج
تنتمي هذه القبيلة إلى مالك ( مذحج ) بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وقد اشتهرت هذه القبيلة بقدرتها السياسية، وشكلت خطرا جديا على الفرس يومذاك.
وتحتل هذه القبيلة الكبيرة جغرافيا منطقة واسعة من أرض اليمن تدعى ب « البيضاء »، تمتد من التثليث ونجران في الشمال إلى مأرب وفدئينه جنوبا، وتتفرع إلى عدة قبائل أصغر هي بالترتيب:
* قبيلة سعد العشيرة: وهي أكبر قبائل مذحج، وتتفرع منها قبائل زبيد وجعفي وأنس الله.
* قبيلة بني الحارث بن كعب: ورجالها مشهورون بشجاعتهم ومهارتهم في القتال ، وصفهم دريد بن الصمة بأنهم رأس الشجاعة وذروتها.
* قبيلة نخع: وتسكن إلى الجنوب الشرقي من البيضاء.
* قبيلة صداء: تجاور قبيلة بني الحارث في شمال نجران.
* قبيلة رهاء: وتسكن وديان: حمر وأسيل وقصص.
* قبيلة جنب: وتسكن هران، وذمار وأراضي راحة ومحلاة.
* قبيلة عنس: وهي قبيلة عمار بن ياسر.
إسلام قبيلة مذحج:
পৃষ্ঠা ৩
اسلام « زبيد » قدم عمرو بن معدي كرب شاعر زبيد وفارسها إلى المدينة المنورة مع رجال من قبيلة زبيد فأسلموا على يد رسول الله صلى الله عليه وآله(6)، وذكر الواقدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى اليمن لدعوتهم إلى الإسلام، فلقي طائفة من مذحج فدعاهم إلى الإسلام فلم يستجيبوا وحاربوه.. فقتل منهم عشرين نفرا وانهزم الباقون، فلم يلاحقهم أمير المؤمنين عليه السلام، ثم إنه عاود دعوتهم إلى الإسلام فاستجابوا له وبايعه عدة نفر من رؤسائهم (7).
إسلام « جعفي » و« أنس الله »
قدم إلى المدينة رجلان من قادة جعفي، هما قيس بن سلمة بن راحيل وسلمة بن يزيد، فأسلما على يد رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم كتب النبي صلى الله عليه وآله إلى قيس بإمارة قبائل مران وحريم وكلاب.
وأما قبيلة « أنس الله »، فقد كسر رجل منهم يدعى زباب ( فراض ) صنمهم الذي كانوا يعبدونه، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلم على يديه. (8)
إسلام مراد
لجأ فروة بن مسيك بعد هزيمته في حرب رزم إلى كندة، فخانه ملوك كندة، فعاداهم وقاطعهم، ثم قدم المدينة في السنة التاسعة من الهجرة فأسلم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله على قبيلة مذحج ومراد وزبيد، وأرسل معه خالد بن سعيد بن العاص عاملا على الصدقات.
والظاهر أن قول الرازي بأن النبي صلى الله عليه وآله أمر فروة على حضرموت وصنعاء وما يجاورها هو قول مجانب للصواب، لأنه صلى الله عليه وآله أمر على حضرموت وائل بن حجر الحضرمي، كما كانت صنعاء في يد الأبناء يومذاك.
পৃষ্ঠা ৪
إسلام بني الحارث بن كعب أرسل النبي صلى الله عليه وآله في شهر ربيع الأول لعشر سنوات مضت على الهجرة النبوية خالد بن الوليد في أربعمائة نفر إلى قبيلة بني الحارث لدعوتهم إلى الإسلام، فأسلمت هذه القبيلة وقدم سبعة من زعمائها مع خالد إلى المدينة، فأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله قيس بن الحصين الحارثي(9)، وأرسل إلى نجران عمرو بن حزم الأنصاري ليفقههم ويجمع صدقاتهم(10).
إسلام النخع
أسلم بعض زعماء النخع ومنهم مالك بن الحارث الأشتر على يد أمير المؤمنين علي عليه السلام حين أرسله النبي صلى الله عليه وآله إلى قبيلة مذحج، والتحقوا معه في جيشه. وكان وفد النخع آخر الوفود التي قدمت إلى المدينة المنورة في النصف من شهر محرم الحرام لسنة 11 للهجرة، فالتقوا برسول الله صلى الله عليه وآله، وكان هؤلاء الوفد وعددهم مائتا رجل قد أسلموا في اليمن على يد معاذ بن جبل وبايعوه (11).
إسلام صداء
أرسل النبي صلى الله عليه وآله بعد عودته من الجعرانة سنة 8 للهجرة قيس بن سعد بن عبادة في أربعمائة نفر إلى قبيلة صداء، ثم قدم وفد صداء وكانوا خمسة عشر نفرا فالتقوا برسول الله صلى الله عليه وآله وأسلموا على يده، وحضر من هذه القبيلة في حجة الوداع مائة نفر(12).
إسلام رهاء
أرسل ملوك حمير مالك بن مرارة الرهاوي إلى المدينة المنورة في السنة التاسعة للهجرة، إلا أن قبيلة رهاء أسلمت في السنة العاشرة، حيث أرسلوا خمسة عشر نفرا من رجالهم فأسلموا على يد النبي صلى الله عليه وآله وتعلموا القرآن والفرائض، وأهداهم رسول الله صلى الله عليه وآله هدايا. وقد اشترك في حجة الوداع من هذه القبيلة طائفة، وبقوا في المدينة إلى زمن وفاة النبي صلى الله عليه وآله(13).
পৃষ্ঠা ৫
إسلام عنس أسلم من قبيلة عنس: عمار بن ياسر وأبوه وأمه، وكانوا يعيشون يومذاك في مكة، وكانوا قد تحالفوا مع بني مخزوم، وكان إسلامهم في أوائل الدعوة الإسلامية قبل أن يجهر النبي صلى الله عليه وآله بدعوته(14)، كما حضر إلى المدينة رجل من عنس فأعلن إسلامه وبقي في المدينة مدة من الزمن(15).
قبيلة همدان
لقبيلة همدان تاريخ عريق يمتد إلى ما قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ويرجع إلى عصر ملوك سبأ، وهو مستمر إلى عصرنا الحاضر حيث تحتل همدان موقعا خاصا في النظام السياسي في اليمن. وكان لهمدان حروب ووقائع مشهورة مع ملوك سبأ، انتهت بانتصار همدان وحيازتها للحكم والرئاسة.
وتنتسب هذه القبيلة إلى كهلان، حيث ذكر علماء الأنساب نسب همدان كالتالي: همدان بن مالك بن زيد بن اوسلت بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان.
وامتازت همدان عند ظهور الإسلام بقدرة القبائل التي تشعبت منها، وباتحادها مع الحكام الفرس والأبناء، وقد أفادت من أحلافها هذه في حربها مع قبيلة مذحج في وقعة « الرزم »، فأوقعت بمذحج هزيمة ساحقة وقتلت طائفة من كبار رجالها.
وخلال العصور المتعاقبة بعد ظهور الإسلام، ظلت همدان تحتل موقعا كبيرا في اليمن بلحاظ نفوذها وقدرتها، وكان لهم إمارة في اليمن طيلة السنوات ما بين سنة 492 ه و569 ه قضى عليها الأيوبيون بعد ذلك.
وتحتل همدان منطقة فسيحة في شمال صنعاء تمتد إلى « الصعدة »، وتتوزع منازل نجران بين قبائل بني الحارث بن كعب ومذحج وهمدان، ومن أشهر مدن همدان: بون، عمران، الجوف، خمر، حجور، ريدة، وقرية « حاز » التي يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام.
পৃষ্ঠা ৬
إسلام همدان بعد غزوة تبوك في عام الوفود قدم المدينة طائفة من رؤساء قبيلة همدان، وهم مالك بن نمط، وأبو ثور، ومالك بن أيفع، وضمام بن مالك، وعميرة بن مالك، عليهم مقطعات الحبرات والعمائم العدنية، فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فخطب مالك بن النمط فقال: يا رسول الله؛ نصية(16) من همدان من كل حاضر وباد، أتوك على قلص نواج، متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم...فكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله كتابا على أن لهم أرضهم ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، لهم بذلك عهد الله وذمام رسوله، وشاهدهم المهاجرون والأنصار. فقال في ذلك مالك بن نمط أبياتا جاء فيها:
حلفت برب الراقصات إلى منى
صوادر بالركبان من هضب قردد(17)
بأن رسول الله فينا مصدق
رسول أتى من عند ذي العرش مهتدي(18)
وذكر الطبري في تأريخه أن الإسلام قد انتشر في اليمن على يد علي بن أبي طالب عليه السلام، فقد كتب يقول: عن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام، فكنت فيمن سار معه، فأقام عليه ستة أشهر لا يجيبونه إلى شيء، فبعث النبي صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل ( أي يرجع ) خالدا ومن معه، فإن أراد أحد ممن كان مع خالد بن الوليد أن يعقب معه تركه.
পৃষ্ঠা ৭
قال البراء: فكنت فيمن عقب معه.. فلما انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر، فجمعوا له، فصلى بنا علي الفجر، فلما فرغ صفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله، فأسلمت همدان كلها في يوم واحد، وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما قرأ كتابه خر ساجدا، ثم جلس فقال: السلام على همدان، السلام على همدان. ثم تتابع أهل اليمن على الإسلام(19).
قبيلة خولان
تنتمي قبيلة خولان إلى سبأ، وذكر علماء الأنساب نسبها كالتالي: خولان بن عمرو بن مالك بن حارث بن مرة بن أدد بن زيد بن عمرو ( يشجب ) بن عريب بن كهلان بن سبأ.
وخولان احدى قبائل اليمن الكبيرة، عرف رجالها بالبأس والقوة، وعرفوا بالتمرد على الحكومات المتعاقبة السبئية والمعينية والفارسية. وتقطن قبيلة خولان إلى جوار مأرب والصرواح، وقد هاجر بعض رجالها إلى شرق صنعاء فسكنوا المناطق المسماة ب « حولان العالية »، ومن مدنهم مدينة « صعدة » التي تبعد عن صنعاء ستين فرسخا، وشرف البياض والقيوان.
পৃষ্ঠা ৮
إسلام خولان في شهر شعبان من السنة العاشرة للهجرة قدم وفد خولان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأعلنوا إسلامهم وإيمانهم بالله وبرسوله، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وآله عن صنمهم « عميانس » فأخبروه أنهم يتحاشونه كما يتحاشون الجربى، وأن الله أبدلهم به الأحكام التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله، ووعدوا النبي صلى الله عليه وآله بأنهم سيكسرون صنمهم فور عودتهم. ثم إنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن أحكام دينهم فأجابهم صلى الله عليه وآله، وأمر الصحابة بتعليمهم القرآن والأحكام، وأمر لكل واحد منهم باثنتي عشرة أوقية ونصف الأوقية. فلما عادوا إلى ديارهم، بادروا إلى صنمهم فكسروه قبل أن يحطوا رحالهم عن الرواحل، ثم إنهم أحلوا ما أحل لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وحرموا ما حرم.(20)
قبيلة أشعر
ذكر علماء الأنساب أن نسب هذه القبيلة القحطانية كالتالي:
نبت الأشعر بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
تسكن قبيلة أشعر في منطقة تهامة مع عدد من القبائل الأخرى، يقطن الأشعرون في منطقة وادي ملح غرب السراة. ومن مدنهم زبيد والحصيب وميناء غلافقة والقحمة على ساحل البحر الأحمر، وتتصل أراضي
الأشعرين ب « عك »، حيث يرتبط الأشعرون بهم بروابط سببية وثيقة.
وكان الأشعرون وعك قد ساروا إلى مكة مع جيش أبرهة الحبشي في واقعة الفيل المشهورة. وتنتمي أم أبي موسى الأشعري إلى قبيلة عك. ونظرا لهذا التلاحم بين القبيلتين قدم وفد الأشعرين إلى المدينة ومعهم رجلان من عك، وكانت هاتان القبيلتان في صف واحد في حروب الردة. ويظهر من عدم إرسال عك وفدا خاصا إلى المدينة أنهم كانوا تابعين للأشعرين.
পৃষ্ঠা ৯
إسلام أشعر كان أبو موسى الأشعري حليفا لسعيد بن العاص بن أمية، وقد قدم أبو موسى وأخوه إلى مكة في رجال من الأشعرين فأسلموا قبل الهجرة وعادوا إلى ديارهم(21). وفي السنة السابعة من الهجرة قدم أبو موسى الأشعري في خمسين نفرا من الأشعرين إلى جدة عن طريق البحر، ثم ساروا من جدة إلى المدينة فالتقوا برسول الله صلى الله عليه وآله وأعلنوا إسلامهم(22).
ومن الجدير بالذكر أن الواقدي وطائفة من المؤرخين الآخرين عدوا أبا موسى الأشعري في عداد مهاجري الحبشة، إلا أن هذا الخبر لا يمكن أن يكون صحيحا، والصواب ما ذكره ابن سعد وهو أن موسى بن عقبة وابن إسحاق وأبو معشر المدني لا يعدون أبا موسى في مهاجري الحبشة، وذكر أن قدوم الأشعريين إلى المدينة لما كان متزامنا مع وصول جعفر بن أبي طالب وأصحابه قادمين من الحبشة، فقد ظن الواقدي ومن شاطره الرأي أن أبا موسى كان مع مهاجري الحبشة(23).
قبيلة خثعم
قبيلة خثعم من القبائل القحطانية، وخثعم كما ذكر علماء الأنساب هو خثعم بن أنمار بن إراش ( نزار ) بن عمرو بن الغوث بن نبت بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وتقطن هذه القبيلة في منطقة سراة اليمن مع عدد من القبائل الأخرى، من بينها بجيلة وغامد وبارق وغافق والأزد، ومن مدن خثعم تبالة وبيشة وشمال جرش وشرقيها. ولما أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله صرد بن عبدالله الأزدي لقتال مشركي خثعم تحصنوا في جرش.
إسلام خثعم
لما قدم جرير بن عبدالله البجلي إلى المدينة في وفد « بجيلة »، أمره رسول الله صلى الله عليه وآله بتحطيم صنم « ذو الخلصة »، وهو صنم أبيض متوج، فتوجه جرير إلى قبيلته واستعان ببني أحمس، فتوجهوا إلى الصنم المذكور وقتلوا مائة رجل من باهلة ومائتي رجل من خثعم كانوا حجابا لذي الخلصة، وهزموا الباقين، ثم خربوا الصنم المذكور وأضرموا فيه النار.
পৃষ্ঠা ১০
وبعد تخريب ذي الخلصة، قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله عثعث بن زحر وأنس بن مدرك في رجال من خثعم وأعلنوا إيمانهم بالله وبرسوله وبما جاء به الرسول، فكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله كتابا أباح فيه كل دم سفكوه في الجاهلية، وأمرهم بالتصدق بعشر غلات أراضيهم الديمية والمسقية، وعين لهم حدود مراتعهم(24).
قبيلة بجيلة
سميت هذه القبيلة القحطانية باسم أمهم بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة، وهم ينحدرون من نسل أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وتسكن بجيلة في سراة اليمن الوسطى، وقد تفرق أكثر رجالها خلال الفتوح الإسلامية في مدن العراق، وذهبت طائفة قليلة منهم إلى بلاد الشام، ولم يبق في سراة اليمن الوسطى إلا عدد قليل من بجيلة.
إسلام بجيلة
قدم وقد بجيلة إلى المدينة في السنة العاشرة من الهجرة النبوية وعلى رأسهم جرير بن عبدالله، فأسلموا وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لجرير ( وكان قد ساءله عما وراءه ): فما فعل ذو الخلصة ؟ قال: هو على حاله قد بقي، والله مريح منه إن شاء الله. فبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى هدم ذي الخلصة وعقد له لواء ودعا له، فذهب جرير وهدمه(25).
ثم أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله جريرا ورجلين آخرين إلى ذي الكلاع وذي عمرو من أذوا اليمن، فدعوهما إلى الإسلام فأسلما، وقد بقي جرير عندهما إلى وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله(26).
وجاء أيضا قيس بن عزرة الأحمسي في 250 رجلا من وفد أحمس فلقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأسلموا على يديه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بلالا الحبشي بإهداء الجوائز إلى وفد بجيلة(27).
পৃষ্ঠা ১১
قبيلة الأزد من القبائل القحطانية الكبيرة، ونسبها كالتالي: أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وتنحدر من هذه القبيلة عدة قبائل، كان لبعضها دور مهم في التاريخ الإسلامي، ومن تلك القبائل:
* بنو حارثة بن تغلبة بن عمرو ( مزيقياء ) بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، وهو أبو الأوس والخزرج. يقول حسان بن ثابت في أنساب الأنصار:
ونحن بنو الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، وأهل المفاخر
* جفنة بن عمرو مزيقياء، جد ملوك غسان، ومنهم آل المنذر الذين حكموا في الحيرة.
* خزاعة؛ بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء.
* عك بن عدثان بن عبدالله بن الأزد .
* غافق بن الشاهد بن عك بن عدثان بن عبدالله بن الأزد.
* غامد بن عبدالله بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد.
* دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد.
* بارق، وهي فرع من خزاعة، ونسبها كالتالي: بارق بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء
بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد.
ويقطن الأزد في مأرب، وجاء في الأخبار أن عمرو بن مزيقياء بن عامر ماء السماء لما تهدم سد مأرب هاجر في طائفة من الأزد، فسكن بعضهم سراة اليمن في منطقة الطود، وذهب بعضهم إلى مكة وحواليها، وذهب بعضهم إلى يثرب، وبعضهم إلى الشام، وبعضهم إلى العراق وعمان واليمامة والبحرين.
পৃষ্ঠা ১২
إسلام الأزد في السنة العاشرة للهجرة قدم وفد قبيلة الأزد إلى المدينة وعلى رأسهم صرد بن عبدالله الأزدي فأسلموا، وحسن إسلام صرد بن عبدالله، فأمره النبي صلى الله عليه وآله على من أسلم من قومه، وأمرهم بقتال من يليهم من مشركي العرب، فتحرك صرد مع من معه من المسلمين إلى جرش وفتحها(28).
كما كتب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى خالد بن ضماد الأزدي وجنادة الأزدي ومن معهما كتابا أمرهم فيه بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله وأداء سهم الله ورسوله مما غنموا، وأمرهم أن يهجروا المشركين ويلجأوا إلى الله ورسوله(29).
إسلام غامد
جاء إلى المدينة وفد غامد في شهر رمضان من السنة العاشرة للهجرة، فالتقوا برسول الله صلى الله عليه وآله وأسلموا على يديه، فأمرهم صلى الله عليه وآله بأداء أحكام الدين، وأمر لهم بعطايا وجوائز وصلات، ثم أمر أبي بن كعب بتعليمهم القرآن(30).
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله كتب إلى أبي ظبيان الغامدي ودعاه وقومه إلى الإسلام، فقدم أبو ظبيان في طائفة من قومه إلى المدينة فأسلموا، وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله كتابا(31).
إسلام غافق
جاء جليحة بن شجار بن صحار الغافقي في طائفة من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: نحن سراة قومنا قد أسلمنا وأخرجنا من أموالنا ما علينا من الزكاة. وقال عوز بن سرير الغافقي: آمنا بالله واتبعنا رسوله صلى الله عليه وآله(32).
পৃষ্ঠা ১৩
إسلام دوس قدم الطفيل بن عمرو الدوسي إلى مكة، وكان شاعرا بليغا لبيبا، وكانت قريش قد أوصته بأن لا يلقى رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنه التقى به، فدعاه النبي صلى الله عليه وآله فأسلم الطفيل على الفور. ثم عاد إلى قبيلته فدعاهم إلى الإسلام فلم يستجب له إلا أبوه وزوجته، فرجع إلى مكة وأطلع رسول الله صلى الله عليه وآله على عدم إسلام قومه، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم عاد الطفيل إلى قبيلته ودعاهم إلى الإسلام. وقد التحق الطفيل في حرب خيبر برسول الله صلى الله عليه وآله ومعه ثمانون أهل بيت من قومه، فأسهم لهم رسول الله صلى الله عليه وآله في الغنائم.
وبعد فتح مكة، طلب الطفيل من النبي صلى الله عليه وآله أن يرسله لإحراق صنم « ذو الكفين » وهو صنم قبيلة عمرو بن حممة، فأرسله النبي صلى الله عليه وآله فأحرق الصنم المذكور ثم عاد إلى المدينة وبقي فيها إلى وفاة النبي صلى الله عليه وآله(33).
ومن الجدير بالذكر أن الطفيل من مسلمي فترة البعثة، وكان قد أسلم من تلقاء نفسه، وأدى في حياته خدمات كبيرة للإسلام، ثم استشهد في نهاية المطاف في حرب اليمامة(34).
إسلام قبيلة أزد عمان
أرسل النبي صلى الله عليه وآله في شهر ذي القعدة في السنة الثامنة للهجرة عمرو بن العاص إلى جيفر ملك عمان وأخيه عبد، ودعاهما إلى الإسلام فأسلما، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله عمرا بالبقاء في عمان لأخذ الصدقات من غنيهم وتوزيعها بين فقرائهم، ولأخذ الجزية من مجوس عمان(35).
كما وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وفد من رجال مدينة « دبا » فأعلنوا إسلامهم، فأرسل النبي صلى الله عليه وآله معهم حذيفة البارقي لتعليمهم القرآن والأحكام وأخذ الصدقات.(36)
পৃষ্ঠা ১৪
قبيلة خزاعة تسكن هذه القبيلة في مر الظهران، وقد استطاع أفراد هذه القبيلة بالتعاون مع بني بكر بن كنانة القضاء على سلطة « جرهم » في مكة، فحكموا مكة وآلت أمور البيت الحرام في أيديهم. ثم تمكن قصي بن كلاب بمعونة قريش وكنانة وقضاعة من إخراج خزاعة عن مكة، واستعاد حكم مكة وتولي أمور الكعبة. وكانت روابط خزاعة وبني هاشم في زمن عبدالمطلب تتسم بالمسالمة، وتحالف الاثنان ليكونا يدا على من يبغيهما الغوائل، وبلغت العلاقة بينهما حدا بحيث تزوج عبدالمطلب فيهم.(37)
إسلام خزاعة
توثقت أواصر التعاون بين خزاعة ورسول الله صلى الله عليه وآله بعد هجرته إلى المدينة، فكان مسلمو خزاعة ومشركوها يكنون للنبي صلى الله عليه وآله مشاعر الحب، وكانوا يطلعونه على ما يستجد من الأخبار في مكة وتهامة، وصاروا يعدون من محبيه ومؤيديه(38).
وقد قدم معبد بن أبي معبد الخزاعي بعد انكسار المسلمين في حرب أحد فالتقى برسول الله صلى الله عليه وآله وأظهر له حزنه العميق لما لقيه المسلمون. ثم عاد معبد فالتقى في الروحاء بأبي سفيان وكان أبو سفيان يفكر في الهجوم على المدينة مجددا فحذره من مغبة هذا العمل وخوفه عواقبه الوخيمة وصرفه عن عزمه(39).
واستمر تعاون خزاعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى حلت السنة الخامسة للهجرة، ففكرت قريش في تجهيز جيش لغزو المدينة، فقدم إلى المدينة رجال من فرسان خزاعة فأخبروا النبي صلى الله عليه وآله بنوايا قريش(40)، وعند عقد صلح الحديبية أعلن بنو خزاعة تحالفهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله (41)، وتوثقت أواصر التعاون بين خزاعة ورسول الله صلى الله عليه وآله يوما بعد يوم، ولما هجا أنس بن زنيم الديلي رسول الله صلى الله عليه وآله حمل عليه شاب من خزاعة وانجر الأمر إلى نشوب حرب بين خزاعة وبني بكر.
পৃষ্ঠা ১৫
ثم إن بديل بن الورقاء وعمرو بن سالم وهما من كبار رجال خزاعة أتيا إلى المدينة فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وآله بني بكر وقريشا، وكان ذلك سببا في تجهيز النبي صلى الله عليه وآله جيشا لفتح مكة (42).
ويظهر من سيرة ابن هشام أن بعض رجال خزاعة أسلموا قبل وقعة أحد، من بينهم نافع بن بديل بن ورقاء قارئ القرآن الذي قتل في حادثة بئر معونة.
وقد كتب رسول الله صلى الله عليه وآله قبل فتح مكة إلى بديل بن ورقاء وبسر بن سفيان الخزاعي يدعوهما إلى الإسلام، فأسلما. وقد اشترك بديل في فتح مكة وفي غزوة حنين، وأمره رسول الله صلى الله عليه وآله بالإشراف على غنائم حنين(43). وكان بديل إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع، ثم إنه توفي قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله.
إسلام الأوس والخزرج
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يلتقي بقبائل العرب خلال مراسم الحج فيدعوهم إلى الإسلام. وقد التقى في مراسم الحج للسنة الحادية عشرة من البعثة بستة رجال من الخزرج، وكانوا قبل ذلك قد سمعوا من اليهود بشائر بقرب ظهور أحد الأنبياء، فاستجاب هؤلاء الستة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وآله على أمل أن يتمكن الإسلام من إنهاء النزاعات الناشبة بينهم، وأن يبدل تلك الصراعات بالألفة والمودة. ثم عاد هؤلاء الرجال إلى يثرب، فكانوا نواة لانتشار الإسلام فيها بين الأوس والخزرج(44).
পৃষ্ঠা ১৬
وفي مراسم الحج في السنة التالية التقى النبي صلى الله عليه وآله في عقبة منى باثني عشر رجلا من رجال يثرب، عشرة منهم من الخزرج واثنان من الأوس، فبايعوه على أن لا يشركوا بالله ولا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يعبدوا صنما ولا يعصوه في معروف، وسميت هذه البيعة « بيعة العقبة الأولى » أو « بيعة النساء »(45) وطلب رجال يثرب من رسول الله صلى الله عليه وآله أن يرسل معهم رجلا لدعوة أهل يثرب إلى كتاب الله تعالى، فأرسل معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبدمناف، فورد مصعب يثرب وحط الرحال في بيت أسعد بن زرارة (46)، وكان يتردد على محلات الأوس والخزرج نهارا فيدعوهم إلى الإسلام، وكان ذلك سببا في انتشار الإسلام في يثرب، حتى لم يكن فيها بيت ليس فيه رجل مسلم أو امرأة مسلمة(47).
وقد أثمرت جهود مصعب في دعوة أهل يثرب للإسلام، فاستجاب له عدد كبير منهم، حتى إذا كان موسم الحج للسنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية عاد مصعب إلى مكة ومعه طائفة من مسلمي يثرب، فلما انتهت مراسم الحج التقى 73 رجلا وامرأتان ( 11 نفرا منهم من الأوس و64 نفرا من الخزرج ) برسول الله صلى الله عليه وآله عند عقبة منى، فبايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأولادهم، وعاهدوه على الدفاع عنه.
وبهذا تهيأت ببيعتي العقبة الأولى والثانية مقدمات هجرة النبي صلى الله عليه وآله والمسلمين إلى يثرب. وكانت الهجرة فصلا جديدا في تثبيت الإسلام وانتشاره وسببا في دوامه من خلال تشكيل الحكومة.
وقد أبدل رسول الله صلى الله عليه وآله سياسته الداخلية في مرحلة التبليغ والدعوة بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة إلى مرحلة جديدة هي مرحلة إرساء دعائم الحكم الإسلامي وتحويل النظام القبلي السائد في يثرب من قبل إلى نظام الدولة وتشريع الأحكام(48).
পৃষ্ঠা ১৭
وبعد سنة واحدة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة انتهى العمل في بناء مسجد النبي والحجرات الواقعة في أطرافه، وكان أغلب الأوس والخزرج قد أسلموا ولم يبق على شركه إلا طوائف يسيرة من الأوس(49).
وكان لمسلمي الأوس والخزرج طيلة فترة إقامة النبي صلى الله عليه وآله في المدينة ( دامت عشر سنوات ) خدمات كبيرة إلى الإسلام، حيث وقفوا إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله ونصروه وآزروه في حروبه مع أعداء الإسلام، فقد سار معه منهم إلى فتح مكة أربعة آلاف رجل(50). وقد استحق هؤلاء الأنصار أن يثني عليهم الله تبارك وتعالى في قرآنه، في قوله تعالى « والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم »(51)
وفي المقابل استطاع رسول الله صلى الله عليه وآله بجهوده المتواصلة إنقاذ الأوس والخزرج ( الأنصار ) من الشرك، وأحل أجواء الصفاء والمودة بينهم محل نيران الخلافات والمنازعات، وأبعدهم عن الأخلاق الجاهلية الذميمة، وأبدلهم بها الأخلاق الإسلامية السامية، فأضحوا مضرب الأمثال في الإخاء والمودة والتفاني والتضحية والإيثار.
قبيلة طيء
من القبائل القحطانية الكبيرة، وقد ذكر علماء الأنساب في نسبها: طيء بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ. ويتفرع من طيء قبائل كثيرة، أشهرها قبيلتا جندب بن خارجة بن فطرة بن طيء والغوث بن طي.
وتسكن قبيلة طيء أراضي الجوف التي تسكنها أيضا مراد وهمدان. وقد هاجرت هذه القبيلة بعد هجرة الأزد، فحطت رحالها في سميرا وفيد من أراضي نجد بجوار قبيلة بني أسد، واحتلت جبلي « أجأ » و« سلمى » اللذين كانا في يد بني أسد، ثم احتلت جزءا من أرض تميم بين نجد والحيرة.
واشتهرت طيء بالبداوة، حيث دارت المعارك الضارية حتى بين القبائل المتفرعة منها، ومن جملتها حرب « الفساد » التي دارت بين بني جديلة وبني الغوث.
পৃষ্ঠা ১৮
وكانت قبيلة طيء قد تحالفت مع بني أسد ومع غطفان، ثم حصل اختلاف بين طيء وبني أسد قبل البعثة النبوية بفترة وجيزة، فانحازت غطفان إلى بني أسد ضد طيء ونشبت الحرب بينهم، فأخرج عطفان وبنو أسد قبيلة طيء من أرضها، فألغى ذو الخمار بن عوف الجذمي الحلف بين طيء وغطفان، واستنجد بقبيلتي غوث وجديلة ( وهما فرعان من طيء ) لاستعادة الأراضي التي خسرتها طيء. وبعد البعثة النبوية كتب رسول الله صلى الله عليه وآله كتابا إلى بني أسد يمنعهم فيه من التعرض لأرض طيء ومياهها.
إسلام طيء
قدم وفد طيء إلى المدينة وفيهم زيد الخيل بن مهلهل، وكانوا خمسة عشر رجلا، فأسلموا على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمر لهم بصلات وجوائز، وسمى زيدا ب « زيد الخير »، وأمره على « فيد » وبعض نواحيها، ثم توفي زيد عند عودته.(52)
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وآله في السنة العاشرة للهجرة أمير المؤمنين عليا عليه السلام لتخريب قرية « فلس » فحمل علي عليه السلام على أرض حاتم في جيش قوامه مائتا فارس وخربوا القرية وعادوا بغنائم وسبايا منهن: سفانة بنت حاتم الطائي.(53)
ثم إن سفانة سألت رسول الله صلى الله عليه وآله بإشارة من علي عليه السلام أن يطلقها، فأطلقها صلى الله عليه وآله وجهزها وحملها على ناقة، فسارت سفانة إلى الشام والتقت بأخيها عدي بن حاتم وكان قد فر إلى الشام. وكان عدي يدين بالمسيحية يومذاك، فنصحته بأن يسلم وحدثته عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله الكريمة، فعاد معها إلى المدينة وأسلم على يد رسول الله صلى الله عليه وآله، فأرسله النبي صلى الله عليه وآله لجمع صدقات قومه(54).
পৃষ্ঠা ১৯
وقد أبلت قبيلة طيء في قضية الردة بلاء حسنا، فلم يرتد منها كما فعلت القبائل الأخرى إلا رجلان اثنان. وتحكي الرسالة التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عشيرة معاوية بن جرول وعشيرة عامر بن الأسود جوين الطائي وعشيرة زيد الخيل الطائي اهتمام النبي صلى الله عليه وآله بهذه القبيلة (55).
قبيلة كندة
من القبائل القحطانية الكبيرة، وقد ذكر علماء الأنساب نسبها كالتالي: ثور ( كندة ) بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
وتتفرع من كنده قبيلتان كبيرتان هما بنو معاوية وبنو الأشرس. وكندة من القبائل اليمانية القوية، ويحكي التاريخ أن لهذه القبيلة قدرة سياسية وعسكرية متميزة، وأنها لذلك حاربت ملوك اليمن، بيد أن الطبيعة البدوية كانت السمة البارزة لهذه القبيلة، وقد تسببت هذه الطبيعة في نشوب الخلافات داخل القبيلة. ونلاحظ أن هذه القبيلة أرسلت ثلاثة وفود إلى المدينة: وفدا من كندة، ووفدا من « تجيب » ووفدا من « الصدف »، وأن وفد كندة كان يضم فضلا عن الأشعث بن قيس بن معدي كرب رئيس الوفد أربعة من كبار رجال القبيلة هم: مخوس، ومشرح، وجمد، وأبضعة، وكان هؤلاء الأربعة يعرفون بالملوك الأربعة. وقد قتل هؤلاء في حروب الردة بعد ارتدادهم، فقال زيد بن لبيد الأنصاري في ذلك:
نحن قتلنا الأملاك الأربعة
পৃষ্ঠা ২০