9. يتضح مما ذكر أن الاختلاف الشديد الذي كان ناشبا بين قبائل اليمن لم يكن ليصدها من اعلان طاعتها لرسول الله صلى الله عليه وآله أو دخولها في الإسلام، بل كان ذلك الصراع حافزا لروساء تلك القبائل على البحث عن قوة يمكنها الركون إليها والاعتماد عليها للتفوق على منافسيهم. وكمثال على ذلك فقد قدم رئيسا مذحج: فروة بن مسيك المرادي وعمرو بن معدي كرب الزبيدي المدينة على هذا الأساس فأسلما على يد رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم إن النبي صلى الله عليه وآله أمر فروة على منطقة مذحج. ثم قدم المدينة أربعة نفر من رؤساء همدان المنافس القوي لمذحج فأعلنوا إسلامهم، فكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله كتابا أمرهم فيه على أراضيهم.
10. كما أنه من الظاهر أن التشتت السياسي لم يكن عاملا صادا لنفوذ الإسلام وانتشاره في اليمن؛ لأن رؤساء القبائل المشغولين في الصراع على الحكم كانوا يعانون من انعدام الأمان وركود التجارة وازدياد النفوذ الخارجي في مناطقهم، ولذلك كانوا يأتون إلى المدينة المنورة فيعلنون طاعتهم وولاءهم لرسول الله صلى الله عليه وآله.
11. كان للتعامل الحسن لرسول الله صلى الله عليه وآله مع وفود القبائل وإكرامه رؤساءهم وأمره لهم بالصلات والجوائز وتأميره إياهم على مناطقهم وقبائلهم.. الأثر المهم في تشجيع هؤلاء الرؤساء على الدخول في الدين الإسلامي، خاصة وأن بعضهم كان في صدد البحث عن دين توحيدي، وكان البعض الآخر في صدد تعزيز قوته وشهرته.
12. يتضح من حضور وفود بعض القبائل اليمانية، كوفد صداء، وتجيب، ورهاء في مراسم الحج في السنة العاشرة للهجرة، أن الإسلام كان قد انتشر في تلك القبائل بحيث صار أفرادها يلتزمون بالعمل بشرائع الإسلام وأحكامه من قبيل الصلاة، والزكاة، والحج.
পৃষ্ঠা ২৮