الأمر بعد قتل الحسين " ع " وولى عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة، وولى عليهم الحجاج بن يوسف فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والذين يبغضون عليا عليه السلام ويوالون أعداءه فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم وأكثروا من الغض من على " ع " وعيبه والطعن فيه والشنآن له حتى أن إنسانا وقف للحجاج، ويقال انه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب فصاح به: أيها الأمير ان أهلي عقوني فسموني عليا وإني فقير بائس واما إلى صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجاج وقال: للطف ما توسلت به وقد وليتك موضع كذا. وقد روى ابن عرفه المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: ان أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بنى أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بنى هاشم.
قال المؤلف عفا الله عنه ولم يزل الأمر على ذلك سائرا في خلافة بنى أمية حتى جاءت الخلافة العباسية فكانت أدهى وأمر وأخزى وأضر، وما لقيه أهل البيت " ع " وشيعتهم في دولتهم أعظم مما منوا به في الخلافة الأموية كما قيل:
والله ما فعلت أمية فيهم * معشار ما فلعت بنو العباس ثم شب الزمان على ذلك وهرم، والشأن مضطرب والشنآن مضطرم والدهور لا يزداد الا عبوسا والأيام لا تبدى لأهل الحق إلا بؤسا، ولا معقل الشيعة من هذه الخطة الشنيعة في أكثر الأعصار ومعظم الأمصار الا الانزواء في زوايا التقية والانطواء على الصبر بهذه البلية، وهذا السبب للذي من أجله لم يصنف أحد من أصحابنا كتابا في هذا الشأن على مرور الدهر وكرور الزمان فخفي علينا أحوال كثير من أكابر الشيعة وأركان الشريعة، والمسؤول ممن وقف على هذا التصنيف، ورشف من زلال هذا التأليف; ان لا يبديه الا إلى أهله وان يكتمه عمن أركسه الله في جهله، توقيا من عناد الناصبين، وأولى العدوان الغاضبين، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
পৃষ্ঠা ৮