بسم الله الرحمن الرحيم ما ترنمت مطربات عنادل الأقلام على عذبات أنامل الأعلام. ولا تفتحت كمائم أزهار زاهر الكلام في نواضر حدائق الأرقام، بأحسن من حمد مالك أرغم بقدرته كل منكر وجاحد، وأظهر في كل شئ آية تدل على أنه واحد، فشهدت بوحدانيته السماء مزينة بزينة الكواكب، والأرض حاملة أثقال أعبائها على المناكب; والصباح هاتك لستور الظلماء نهاره مطردة في الحدائق الخضر أنهاره والمساء رافلة في حلل السواد سواهم ليله راكضة في ميادين الظلام أداهم خيله والبحار ملتطمة بالجزر والمد أمواج عبابها، منتشرة انتشار اللؤلؤ حبات حبابها والأنهار منسابة في الجداول انسياب الحيات في الرمال، مطردة إطراد الذوابل في أكف الأبطال حين النزال، والماء بائحا صفاءه بأسراره، لائحا حصباؤه في قراره، والنار لامعة سبائك لهبها. مائجة ذوائب عذبها، والرياح ناسمة جنوبا وشمالا مؤرجة بنفحاتها يمينا وشمالا، والهواء حاملا الماء في بطون الغمام سائرا بالجواري المنشئات في البحر كالأعلام، والطير مفصحة بعد عجمتها مطربة بالأسحار بنغمتها، والخيل مسابقة في مجاريها معقود الخير بنواصيها، والإبل هادرة بجر اجرها مجترة بحناجرها، كلها ألسنة ناطقة بوحدانيته وأدلة ثابتة على فردانيته، أحمده بماله من المحامد السنية، وأشكره على سوابغ نعمه الهنية وثمرات عوارفه اليانعة الجنية التي أبلغت المأمن وبلغت الأمنية، لا سيما التوفيق للاقرار بالنبوة المحمدية، والإمامة العلوية. والطهارة الفاطمية، والسيادة الحسنية
পৃষ্ঠা ২
والبسالة الحسينية، والعبادة السجادية، والعلوم الباقرية، واللهجة الصادقية والحلوم الكاظمية والرجاحة الرضوية، والسماحة الجوادية، والأخلاق النقوية والشهامة العسكرية، والخاتمة المهدوية فأصلي وأسلم على ذي الأعراق الزكية والأعراف الذكية، والقبلة المكية المبعوث إلى البرية بالملة المرضية، وعلى آله وعترته أولى النفوس القدسية والعلوم اللدنية والمراتب العلية والمناقب العلوية أئمة الأمة وكاشفي الغمة، وسبل الهداية وأعلام الولاية، وسفن النجاة وأبواب المناجاة، صلى الله وسلم عليه وعليهم صلاة وسلاما يبلغان الأمل ويزكيان العمل ما خطت الأقلام وخطت الأقدام.
اما بعد فيقول العبد الفقير إلى ربه الغنى (على صدر الدين) ابن احمد نظام الدين الحسيني الحسنى عاملهما الله بلطفه الخفي وفضله السني إني منذ ارتضعت در الفضل والعلم، واتشحت رداء العقل والحلم لم أزل مجتنيا من رياض الفضل أزهى أزهارها واردا من موارد الفواضل أصفى أنهارها، مؤلفا بتقييد شوارد الفوائد مغرما نظم فرائد القلائد، متبعا آثار أرباب التأليف مقتضيا رسوم أصحاب التصنيف وكنت في حدثان السن وريعان الصبا وعنفوان الشباب أقدر في خلدي جمع طبقات عالية تحتوي على عيون أخبار أعيان الفرقة الناجية، أعني الشيعة الإمامية والفرقة الثاني عشرية، إذ لم اقف لأحد من أصحابنا رضوان الله عليهم على كتاب واف بهذا الغرض، قائم بأداء هذا الحكم المفترض سوى كتب الرجال وهي مع ضيق مجالها لم تحتو الا على رواة الأحاديث ورجالها، حتى وقفت على كتاب صنف قبل عصرنا هذا بقليل نحا مؤلفه نحو هذا الغرض الجليل، وهو الكتاب المسمى (بمجالس المؤمنين) للقاضي نور الله التوستري نور الله ضريحه وأحله من مبوأ الرضوان فسيحه غير أنه لم يبرئ منى عليلا ولم يبرد لي غليلا، اما أولا:
فلأنه فارسي العبارة أعجمي الإشارة وليس أربى إلا اللسان العربي، واما ثانيا فلأنه جاء بالطم والرم ولم يميز بين الروح والجرم، فأفسد السمين بالغث ورقع الجديد
পৃষ্ঠা ৩
بالرث وأدخل الدخيل في الصريح وجمع بين الصحيح والجريح، وعد من أصحابنا ما لا ينزل بفنائهم ولا يسقى من إنائهم، وأهمل ذكر جماعة من مشايخنا هم أشهر من أن لا يعرفوا، وحاشاهم من أن يكونوا نكرات فيعرفوا فحرك منى هذا الاستدراك ما كان منى في مستكن الخاطر وما به حراك، وذلك بعد أن اشتعل الرأس شيبا وامتلأت العيبة عيبا فأزمعت أولا على تأليف كتاب بسيط حافل كاف في القيام بهذا المقصد كامل.
ثم رأيت أن ذلك يفتقر إلى بسطة فراغ وسكون في هذا الوقف المتصف بالمقت مما لا يكون، مع اشتغال البال واشتعال البلبال، والخطوب ثائره والساعات طائره، والفرص خطفات بروق تأتلق، والنفوس على فواتها تذوب وتحترق، فثنيت العنان عن ذلك المرام، واخذت في تأليف هذا الكتاب المفرغ في قالب الإيجاز والإحكام مع التزامي أن لا أخليه من عيون الأخبار والنكت المعتبرة لدى الاعتبار وأن لا أخل فيه بما يجب ذكره في محاسن كل انسان، مما يليق به من نادرة أو شعر أو مكرمة أو احسان، هذا مع التثبت والتحري في النقل وعدم التساهل الذي لا يسيغه العقل وإذ أسفر إن شاء الله تعالى من أفق النمام صاحبه وأزهر بنور الكلام مصباحه: سميته:
(الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة) سائلا ممن نظر فيه ونهل من صافيه أن يقيل عثاري وزللي، ويستر عواري وخللي، وهو المثاب في اصلاح ما طغى به القلم وزلت به القدم، فان الإنسان محل النسيان وأول ناس أول الناس.
ورتبته على اثنتي عشرة طبقة الأولى في الصحابة: الثانية في التابعين الثالثة في المحدثين الذين رووا عن الأئمة عليهم السلام، الرابعة في العلماء من سائر المحدثين والمفسرين والفقهاء (رض)، الخامسة في الحكماء والمتكلمين، السادسة في علماء العربية، السابعة في السادة الصفوية، الثامنة في الملوك والسلاطين، التاسعة في الأمراء، العاشرة في الوزراء، الحادية عشرة في الشعراء، الثانية عشرة في النساء.
পৃষ্ঠা ৪
المقدمة
اعلم رحمك الله ان شيعة أمير المؤمنين " ع " والأئمة من ولده عليهم السلام لم يزالوا في كل عصر وزمان ووقت وأدان، مختفين في زوايا الاستتار محتجبين احتجاب الأسرار في صدور الأحرار وذلك لما منوا به من معاداة أهل الإلحاد ومناواة أولي النصب والعناد، الذين أزالوا أهل البيت عليهم السلام عن مقاماتهم ومراتبهم وسعوا في إخفاء مكارمهم الشريفة ومناقبهم، فلم يزل كل متغلب منهم يبذل في متابعة الهوى مقدوره ويلتهب حسدا ليطفئ نور الله ويأبى الله الا أن يتم نوره، كما روى عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام انه قال لبعض أصحابه: يا فلان ما لقينا من ظلم قريش إيانا وتظاهرهم علينا، وما لقى شيعتنا ومحبونا من الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله قبض وقد أخبر الناس أنا أولى الناس بالناس، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه واحتجت على الأنصار بحقنا وحجتنا ثم تداولتها قريش واحدا بعد واحد حتى رجعت إلينا فنكثت ونصبت الحرب لنا، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود حتى قتل فبويع الحسن ابنه وعوهد ثم غدر به وأسلم، ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه وانتهب عسكره وعولجت خلا خيل أمهات أولاده. فوادع معاوية وحقن دمه ودم أهل بيته وهم قليل حتى قتل، ثم بايع الحسين عليه السلام من أهل العراق عشرون ألفا ثم غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم فقتلوه ثم لم نزل أهل البيت نستذل ونستضام، ونقصي، ونمتهن، ونحرم ونقتل، ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء
পৃষ্ঠা ৫
في كل بلدة فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ورووا عنا ما لم نقله وما لم نفعله ليبغضونا إلى الناس، وكان عظم ذلك وكبره في زمن معاوية بعد موت الحسن " ع " فقتلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة، وصار من ذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين " ع " ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة وأخذهم بكل ظنة وتهمة، حتى أن الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال له شيعة على.
وروى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي يوسف المدايني في كتاب (الأحداث) قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبى تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منير يلعنون عليا ويبرؤون منه. ويقعون فيه وفى أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة على " ع "، فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليها البصرة، وكان يتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام على " ع " فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم من العراق، فلم يبق بها معروف منهم وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق: أن لا يجيزوا لأحد من شيعة على " ع " وأهل بيته شهادة. وكتب إليهم ان انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل بيته والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم واكرموهم واكتبوا إلى بكل ما يروى كل رجل منهم، واسمه واسم أبيه وعشيرته، ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطايع، ويفيضه في العرب منهم والموالي فكثر ذلك في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا فليس يجئ أحد بخبر مردود من الناس عاملا من عمال معاوية فيروى في عثمان فضيلة أو منقبة الا كتب اسمه
পৃষ্ঠা ৬
وقربه وشفعه، فلبثوا بذلك حينا ثم كتب إلى عماله: ان الحديث في عثمان قد كثر وفشى في كل مصر وفى كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبى تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة، فان هذا أحب إلى وأقر لعيني وأدحض لحجة أبى تراب وشيعته، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله فقرئت كتبه على الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها وجد الناس في رواية ما يجرى هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر وألقى إلى معلمي المكاتب، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلك ما شاء الله تعالى، ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان انظروا من قامت عليه البينة انه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاه ورزقه وشفع ذلك بنسخة أخرى، من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره. فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة، حتى أن الرجل من شيعة على " ع " ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقى إليه بسره ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الإيمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء القضاة والولاة، وكان أعظم ذلك بلاء القراء المراؤون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقربوا مجالسهم ويصيبوا به الأموال والضياع، حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها.
ولم يزل كذلك حتى مات الحسين بن علي " ع " فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل الا خايف على دمه أو طريد في الأرض. ثم تفاقم
পৃষ্ঠা ৭
الأمر بعد قتل الحسين " ع " وولى عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة، وولى عليهم الحجاج بن يوسف فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والذين يبغضون عليا عليه السلام ويوالون أعداءه فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم وأكثروا من الغض من على " ع " وعيبه والطعن فيه والشنآن له حتى أن إنسانا وقف للحجاج، ويقال انه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب فصاح به: أيها الأمير ان أهلي عقوني فسموني عليا وإني فقير بائس واما إلى صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجاج وقال: للطف ما توسلت به وقد وليتك موضع كذا. وقد روى ابن عرفه المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: ان أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بنى أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بنى هاشم.
قال المؤلف عفا الله عنه ولم يزل الأمر على ذلك سائرا في خلافة بنى أمية حتى جاءت الخلافة العباسية فكانت أدهى وأمر وأخزى وأضر، وما لقيه أهل البيت " ع " وشيعتهم في دولتهم أعظم مما منوا به في الخلافة الأموية كما قيل:
والله ما فعلت أمية فيهم * معشار ما فلعت بنو العباس ثم شب الزمان على ذلك وهرم، والشأن مضطرب والشنآن مضطرم والدهور لا يزداد الا عبوسا والأيام لا تبدى لأهل الحق إلا بؤسا، ولا معقل الشيعة من هذه الخطة الشنيعة في أكثر الأعصار ومعظم الأمصار الا الانزواء في زوايا التقية والانطواء على الصبر بهذه البلية، وهذا السبب للذي من أجله لم يصنف أحد من أصحابنا كتابا في هذا الشأن على مرور الدهر وكرور الزمان فخفي علينا أحوال كثير من أكابر الشيعة وأركان الشريعة، والمسؤول ممن وقف على هذا التصنيف، ورشف من زلال هذا التأليف; ان لا يبديه الا إلى أهله وان يكتمه عمن أركسه الله في جهله، توقيا من عناد الناصبين، وأولى العدوان الغاضبين، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
পৃষ্ঠা ৮
الطبقة الأولى في الصحابة
وقد عن لنا ان نقدم هنا مقدمات:
المقدمة الأولى
في تعريف الصحابة وهو على أظهر القول من لقى النبي صلى الله عليه وآله مؤمنا به ومات على الإسلام ولو تحللت رده والمراد من اللقاء ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الأخر وان لم يكالمه، ويدخل فيه رؤية أحدهما للآخر سواء كان ذلك بنفسه أو بغيره، كما إذا حمل شخص طفلا إلى النبي صلى الله عليه وآله والمراد رؤيته في حال حياته والا فلو رآه بعد موته قبل دفنه كأبي ذؤيب الهذلي فليس بصحابي على المشهور، وكذا المراد برؤيته أعم من أن يكون مع تميزه وعقله حتى يدخل فيه الأطفال الذين حنكهم ولم يروه بعد التمييز، ومن رآه وهو لا يعقله، والتعبير باللقاء أولى من قول بعضهم الصحابي من رأى النبي صلى الله عليه وآله لأنه يخرج حينئذ ابن أم مكتوم ونحوه من العميان وهم صحابه بلا تردد. واللقاء في هذا التعريف كالجنس يشمل المحدود وغيره.
وقولنا مؤمنا كالفصل يخرج من حصل له اللقاء المذكور ولكن في حال كونه كافرا لم يؤمن بأحد من الأنبياء كالمشركين، وقولنا به فصل ثان يخرج من لقيه مؤمنا لكن بغيره من الأنبياء عليه السلام لكنه هل يخرج من لقيه مؤمنا بأنه سيبعث ولم يدرك البعثة كبحير الراهب; فيه تردد. فمن أراد اللقاء حال نبوته حتى لا يكون مثله صحابيا عنده يخرج عنه، ومن أراد أعم منه يدخل، وقولنا مات على الإسلام يخرج من ارتد بعد أن لقيه مؤمنا ومات على الردة كعبد الله
পৃষ্ঠা ৯
ابن جحش وابن خطل، وقولنا ولو تخللت برده أي بين لقائه مؤمنا وبين موته صلى الله عليه وآله بل بعده أيضا، فان اسم الصحبة باق سواء رجع إلى الإسلام في حياته أو بعده، وسواء لقيه ثانيا بعد الرجوع إلى الإسلام أم لا هذا مذهب الجمهور خلافا لبعضهم قالوا ويدل عليه قصة الأشعث بن قيس فإنه كان ممن ارتد وأتي به إلى أبى بكر أسيرا فعاد إلى الإسلام فقبل منه ذلك وزوجه أخته وكانت عوراء فأولدها ابنه محمدا أحد قاتلي الحسين " ع ". ولم يتخلف أحد من ذكره في الصحابة ولا من تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها، وقيل إن الصحابي هو من طالت مجالسته له صلى الله عليه وآله على طريق السمع والأخذ عنه فلا يدخل من وفد عليه وانصرف بدون مكث وهو قول أصحاب الأصول. وحكى عن سعد ابن المسيب قال: لا يعد صحابيا الا من أقام معه صلى الله عليه وآله سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين. ووجهه أن صحبته شرف عظيم فلا ينال الا باجتماع يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص كالغزو المشتمل على السفر الذي هو قطعة من سقر، والسنة المشتملة على الفصول الأربعة التي بها يختلف المزاج، وعورض بأنه صلى الله عليه وآله لشرف منزلته أعطى كل من رآه حكم الصحبة، وأيضا يلزم ان لا يعد جويبر بن عبد الله ونحوه صحابيا ولا خلاف في أنهم صحابة، ثم أن الصحابة على مراتب كثيرة بحسب التقدم في الإسلام والهجرة والملازمة والقتال تحت رايته والرواية منه ومكالمته ومشاهدته ومماشاته وان اشترك الجميع في شرف الصحبة، ويعرف كونه صحابيا بالتواتر والاستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر وأخبار الثقة وقبض رسول الله صلى الله عليه وآله عن مائة وأربعة عشر صحابي آخرهم موتا على الاطلاق أبو الطفيل عامر بن وائلة، مات سنة مائة من الهجرة والله تعالى اعلم.
পৃষ্ঠা ১০
المقدمة الثانية
حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم، ولا يتحتم الحكم بالأيمان والعدالة بمجرد الصحبة ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبار الا ان يكون مع يقين الايمان وخلوص الجنان، فمن علمنا عدالته وايمانه وحفظه وصية رسول الله في أهل بيته، وانه مات على ذلك كسلمان وأبي ذر وعمار واليناه وتقربنا إلى الله تعالى بحبه، ومن علمنا أنه انقلب على عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت " ع " عاديناه لله تعالى وتبرأنا إلى الله منه ونسكت عن المجهولة حاله، وقالت العامة والحشوية، الواجب الكف والامساك عن جميع الصحابة وعما شجر بينهم واعتقاد الأيمان والعدالة فيهم جميعا وحسن الظن بهم كلهم وقال أبو المعالي الجويني منهم ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الكلام فيما شجر بين أصحابه وقال إياكم وما شجر بين أصحابي. وقال ادعو إلى أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا لما بلغ مدى أحدهم ولا نصفه وقال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقال:
خيركم القرآن الذي أنا فيه ثم الذي يليه. وقد ورد في القرن الثناء على الصحابة وعلى التابعين. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وقد روى عن الحسن البصري انه ذكر عنده الجمل وصفين فقال، تلك دماء طهر الله منها أسيافنا فلا نلطخ بها ألسنتنا. ثم إن تلك الأحوال قد غابت عنا وبعدت أخبارها على حقايقها فلا يليق بنا ان نخوض فيها، ولو كان واحد من هؤلاء قد أخطأ لوجب ان يحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله فيه فمن المروة ان يحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في عايشة زوجته: وفى الزبير بن عمه; وفى طلحة الذي وقاه بيده، ثم ما الذي ألزمنا وأوجب علينا ان نلعن أحدا من المسلمين أو نبرأ منه
পৃষ্ঠা ১১
وأي ثواب في اللعنة والبراءة، ان الله تعالى لا يقول يوم القيامة للمكلف: لم لم تعلن؟
بل يقول له لم لعنت؟ ولو أن انسانا عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يكن عاصيا ولا آثما، ولو جعل الإنسان عوض اللعنة استغفر الله كان خيرا له، ثم كيف يجوز للعامة ان تدخل نفسها في أمور الخاصة، وأولئك قوم كانوا أمراء هذه الأمة وقادتها ونحن اليوم في طبقة سافلة جدا عنهم فكيف يحسن بنا التعرض لذكرهم؟ أليس بقبيح من الرعية ان تخوض في دقائق أمور الملك وأحواله وشئونه التي ترى بينه وبين أهله وبنى عمه ونسائه وسراريه؟ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله صهرا لمعاوية وأخته أم حبيبة تحته، فالأدب ان تحفظ أم حبيبة وهي أم المؤمنين في أخيها، وكيف يجوز أن يلعن من جعل بينه وبين رسول الله مودة أليس المفسرون كلهم قالوا هذه الآية نزلت في أبى سفيان وآله وهي قوله تعالى عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة. وكان ذلك مصاهرة رسول الله صلى الله عليه وآله أبا سفيان وتزوجه ابنته على أن جميع ما ينقله الشيعة من الاختلاف بينهم والمشاجرة لم يثبت، ولم يكن القوم الا كبني أم واحدة ولم يتكدر باطن أحد منهم على صاحبه قط، ولا وقع بينهم اختلاف ولا نزاع انتهى كلامه.
وقد قصدي بعض الشيعة الزيدية لنقضه ورده بما لا غنى بنا عن ذكره هنا فقال ما ملخصه: لولا أن الله تعالى أوجب معاداة أعدائه كما أوجب موالاة أوليائه، وضيق على المسلمين تركها إذا دل العقل عليها، وأوضح الخبر عنها بقوله سبحانه: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم وبقوله تعالى: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما انزل إليه ما اتخذوهم أولياء. وبقوله تعالى: لا تتولوا قوما غضب الله عليهم. لاجماع المسلمين على أن الله تعالى فرض عداوة أعدائه وولاية أوليائه، وعلى ان البغض في الله واجب والحب في الله واجب لما تعرضنا لمعاداة من أحد الناس في الدين ولا البراءة منه ولكانت عداوتنا للقوم تكلفا
পৃষ্ঠা ১২
ولو ظننا الله عز وجل يعذرنا إذا قلنا: يا رب غاب أمرهم عنا فلم يكن لخوضنا في أمر قد غاب عنا معنى. لاعتمدنا على هذا العذر وواليناهم، ولكنا نخاف ان يقول سبحانه لنا: ان كان أمرهم قد غاب عن أبصاركم فلم يغب عن قلوبكم وأسماعكم قد أتتكم به الأخبار الصحيحة التي بمثلها ألزمتم أنفسكم الإقرار بالنبي صلى الله عليه وآله وموالاة من صدقه ومعاداة من عصاه وجحده وأمرتم بتدبر القرآن وما جاء به الرسول فهلا حذرتم من أن تكونوا من أهل هذه الآية القائلين غدا ربنا انا أطعنا ساداتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل. فاما لفظة اللعن فقد أمر الله تعالى بها وأوجبها الا ترى إلى قوله تعالى: أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون فهو اخبار معناه الأمر كقوله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء. وقد لعن الله تعالى الغاصبين بقوله: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود. وقوله ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا وقوله: ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا وقال الله لإبليس: وان عليك لعنتي إلى يوم الدين. وقال: ان الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا. فأما قول من يقول أي ثواب في اللعن وان الله تعالى لا يقول للمكلف لم لم تلعن بل قد يقول له لم لعنت وانه لو جعل مكان لعن الله فلانا اللهم اغفر لي لكان خيرا له ولو أن انسانا عاش عمره كله ولم يلعن إبليس لم يؤاخذ بذلك. فكلام جاهل لا يدرى ما يقول اللعن طاعة ويستحق عليها الثواب إذا فعلت على ووجهها، وهو ان يلعن مستحق اللعنة لله وفى الله لا في العصبية والهوى، لأن الشرع قد ورد بها في نفى الولد ونطق بها القرآن، وهو ان يقول الزوج في الخامسة: ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين. فلو لم يكن الله تعالى يريد ان يتلفظ عباده بهذه اللفظة، وانه قد تعبدهم بها لما جعلها من معالم الشرع، ولما كررها في كثير من كتابه العزيز ولما قال في حق القائل: وغضب الله عليه ولعنه وليس المراد من قوله ولعنه الا الأمر لنا أن نلعنه، ولو لم يكن المراد ذلك لكان لنا ان نلعنه لأن الله تعالى قد لعنه
পৃষ্ঠা ১৩
فيلعن الله تعالى انسانا ولا يكون لنا ان نلعنه، هذا ما لا يسوغ كما لا يجوز ان يمدح انسانا الا ولنا ان نمدحه ولا بذمه إلا ولنا ان نذمه وقال: هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله. من لعنه وقال ربنا اتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا. وقال تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا. وكيف يقول القائل ان الله تعالى لا يقول للمكلف لم لم تلعن الا يعلم هذا القاتل ان الله تعالى أمر بولاية أوليائه وامر بعداوة أعدائه، فكما يسأل عن التولي يسأل عن التبرئ الا ترى ان اليهودي إذا أسلم يطالب بان يقال له تلفظ بكلمة الشهادتين ثم قل: تبرأت من كل دين يخالف دين الإسلام. فلا بد من البراءة لأن بها يتم العلم ألم يسمع هذا القاتل قول الشاعر:
تود عدوى ثم تزعم انني * صديقك ان الرأي عنك لعازب فمودة العدو خروج عن ولاية الولي وإذا بطلت المودة لم يبق الا البراءة لأنه لا يجوز أن يكون الإنسان في درجة متوسطة مع أعداء الله تعالى وعصاته بان لا يؤذيهم ولا يبرأ منهم باجماع المسلمين على نفى هذه الواسطة، واما قوله لو جعل عوض اللعنة استغفر الله لكان خيرا له فإنه لو استغفر من غير أن يلعن أو يعتقد وجوب اللعن لما نفعه استغفاره ولا قبل منه لأنه يكون عاصيا لله تعالى مخالفا امره في امساكه عمن أوجب الله تعالى عليه البراءة منه واظهار البراءة والمصر على بعض المعاصي لا تقبل توبته واستغفاره عن البعض الآخر واما من يعيش عمره ولا يلعن إبليس فان كان لا يعتقد وجوب لعنه فهو كافر وان كان يعتقد وجوب لعنه ولا يلعنه فهو مخطئ وعلى ان الفرق بينه وبين ترك لعنة رؤوس الضلالة في هذه الأمة كمعاوية والمغيرة وأمثالهما ان أحدا من المسلمين لا يورث عنده الأمساك عن لعنة إبليس شبهة في أمر إبليس والامساك لعن هؤلاء وأضرابهم يثير شبهة عند كثير من المسلمين في أمرهم وتجنب ما يورث الشبهة في الدين واجب فلهذا لم يكن الأمساك عن لعن إبليس نظيرا للامساك عن أمر هؤلاء قال ثم يقال
পৃষ্ঠা ১৪
للمخالفين أرأيتم لو قال قائل قد غاب عنا أمر يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف فليس ينبغي ان نخوض في قصتهما ولا ان نلعنهما ونعاديهما ونبرأ منهما هل كان هذا إلا كقولكم قد غاب عنا أمر معاوية والمغيرة بن شعبة وأضرابهما فليس لخوضنا في قصتهم معنى وبعد فكيف أدخلتم أيها العامة والحشوية وأهل الحديث أنفسكم في أمر عثمان وخضتم فيه وقد غاب عنكم وبرئتم من قتله ولعنتموهم وكيف لم تحفظوا أبا بكر الصديق في محمد ابنه فإنكم لعنتموه وفسقتموه ولا حفظتم عايشة أم المؤمنين في أخيها محمد المذكور ومنعتمونا ان نخوض وندخل أنفسنا في أمر على والحسن والحسين " ع " ومعاوية الظالم له ولهما المتغلب على حقه وحقوقهما وكيف صار لعن ظالم عثمان من السنة عندكم ولعن ظالم على والحسن والحسين " ع " تكلف وكيف أدخلت العامة أنفسها في أمر عائشة وبرئت ممن نظر إليها ومن القائل لها يا حميرا وانما هي حميراء ولعنته بكشفه سترها ومنعتنا نحن عن الحديث في أمر فاطمة وما جرى لها بعد وفاة أبيها فان قلتم ان بيت فاطمة انما دخل وسترها انما كشف حفظا لنظام الإسلام وكيلا ينتشر الأمر ويخرج قوم من المسلمين اعتاقهم من ربقة الطاعة ولزوم الجماعة قيل لكم وكذلك ستر عايشة انما كشف وهودجها انما هتك لأنها نشرت حبل الطاعة وشقت عصا المسلمين وأراقت دماء المؤمنين من قبل وصول علي بن أبي طالب " ع " إلى البصرة وجرى لها مع عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة ومن كان معها من المسلمين الصالحين من القتل وسفك الدماء ما ينطق به كتب التواريخ والسير فإذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد جاز كشف ستر عايشه على ما قد وقع وتحقق فكيف صار هتك ستر عايشه من الكبائر التي يجب معها التخليد في النار والبراءة من فاعله ومن أوكد عرى الايمان وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها وجمع الحطب ببابها وتهددها في التحريق من أوكد عرى الدين وأثبت دعائم الإسلام ومما أعز الله به المسلمين واطفائه نار الفتنة والحرمتان واحدة والستران واحد وما نحن ان نقول لكم ان حرمة
পৃষ্ঠা ১৫
فاطمة " ع " أعظم ومكانها ارفع وصيانتها لأجل رسول الله صلى الله عليه وآله أولى فإنها بضعة منه وجزء من لحمه ودمه وليست كالزوجة الأجنبية التي لا نسب بينها وبين الزوج وانما هي وصلة مستعارة وعقد يجرى مجرى إجارة المنفعة وكما يملك رق الأمة بالبيع والشراء ولهذا قال الفرضيون أسباب التوارث ثلاثة: سبب ونسب وولاء والنسب القرابة والسبب النكاح والولاء ولاء العتق فجعلوا النكاح خارجا من النسب ولو كانت الزوجة ذات نسب لجعلوا الأقسام الثلاثة قسمين فكيف تكون عايشة أو غيرها في منزلة فاطمة وقد أجمع المسلمون كلهم من يحبها ومن لا يحبها منهم انها سيدة نساء العالمين قال وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في زوجته وحفظ أم حبيبه في أخيها ولم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل بيته ولا الزمت الصحابة أنفسها حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في صهره وابن عمه عثمان بن عفان وقد قتلوه ولعنوه وقد كان كثير من الصحابة يلعن عثمان وهو خليفة منهم عايشة كانت تقول اقتلوا نعثلا لعن الله نعثلا ومنهم عبد الله بن مسعود وقد لعن معاوية علي بن أبي طالب وابنيه حسنا وحسينا وهم احياء يرزقون في العراق وهو يلعنهم في الشام على المنابر ويقنت عليهم في الصلوات وقد لعن أبو بكر وعمر سعد بن عبادة وهو حي وبرئا منه وأخرجاه من المدينة إلى الشام ولعن عمر خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة وما زال اللعن فاشيا في المسلمين إذا عرفوا من الانسان معصية تقتضي اللعن والبرائة قال ولو كان هذا أمر معتبرا وهو أن يحفظ زيد لأجل عمر وفلا يلعن لوجب ان يحفظ الصحابة في أولادهم فلا يلعنوا لأجل آبائهم فكان يجب ان يحفظ سعد بن أبي وقاص فلا يلعن عمر ابن سعد قاتل الحسين " ع " وان يحفظ معاوية فلا يلعن يزيد صاحب وقعة الحرة وقاتل الحسين " ع " ومخيف المسجد الحرام بمكة وان يحفظ عمر بن الخطاب في عبيد الله ابنه قاتل الهرمزان والمحارب عليا في صفين قال على أنه لو كان الامساك عن عداوة من عادى الله من أصحاب محمد رسول الله من حفظ رسول الله في أصحابه ورعاية
পৃষ্ঠা ১৬
عهده وعقده لم نعادهم ولو ضربت رقابنا بالسيوف ولكن محبة رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه ليست كمحبة الجهال الذين يضع أحدهم حجته لصاحبه مع المعصية وانما أوجب رسول الله صلى الله عليه وآله محبة أصحابه لطاعة الله فإذا عصوا الله وتركوا ما أوجب محبتهم فليس عند رسول الله صلى الله عليه وآله محاباة في ترك لزوم ما كان عليه في محبتهم ولا تغطرس في العدول عن التمسك بموالاتهم فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب ان يعادي أعداء الله ولو كانوا عترته كما يحب ان يوالي أولياء الله وان كانوا أبعد الخلق نسبا منه والشاهد على ذلك اجماع الأمة على أن الله تعالى أوجب عداوة من ارتد بعد الإسلام وعداوة من نافق وان كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي أمر بذلك ودعا إليه وذلك أنه صلى الله عليه وآله قد أوجب قطع يد السارق وضرب القاذف وجلد البكر إذا زنا وان كان من المهاجرين والأنصار الا ترى انه قال لو سرقت فاطمة لقطعتها فهذه ابنته الجارية مجرى نفسه لم يحابها في دين الله ولا راقبها في حدود الله وجلد أصحاب الإفك وفيهم سطح بن أثاثه وكان من أهل بدر قال وبعد فلو كان محل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله محل من لا يعادى إذا عصى الله سبحانه ولا يذكر بالقبيح بل يجب ان يراقب لأجل اسم الصحبة ويغضى عن عيوبه وذنوبه لكان كذلك صاحب موسى المسطور ثنائه في القرآن لما اتبع هواه فانسلخ عما أوتي من الآيات وغوى قال سبحانه واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولكان ينبغي ان يكون محل عبده العجل من أصحاب موسى " ع " هذا المحل لأن هؤلاء كلهم قد صحبوا رسولا جليلا من رسل الله تعالى قال ولو كانت الصحابة عند أنفسها بهذه المنزلة لعلمت ذلك من حال أنفسها لانهم أعرف بحالهم من عوام أهل دهرنا وإذا قدرت أفعال بعضهم ببعض دلتك على أن القصة على خلاف ما قد سبق إلى قلوب الناس اليوم هذا على وعمار وأبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت وجميع من كان مع علي " ع " من المهاجرين والأنصار لم يروا
পৃষ্ঠা ১৭
ان يتغافلوا عن طلحة والزبير حتى فعلوا بهما وبمن معهما ما يفعل بالشراة في عصرنا وهذا طلحة والزبير وعايشة ومن كان معهم وفى جانبهم لم يروا ان يمسكوا عن علي " ع " حتى قصدوا له كما يقصد للمتغلبين في زماننا وهذا معاوية وعمر ولم يريا عليا " ع " بالعين التي يرى بها العامي صديقه أو جاره ولم يقصرا دون ضرب وجهه بالسيف ولعنه ولعن أولاده وكل من كان حيا من أهله وقتل أصحابه وقد لعنهما هو أيضا في الصلاة المفروضات ولعن معهما أبا الأعور السلمي وأبا موسى الأشعري وكلاهما من الصحابة وهذا سعد بن أبي وقاص ومحمد به سلمة وأسامة ابن زيد وسعد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الله بن عمر وحسان بن ثابت وأنس بن مالك لم يروا ان يقلدوا عليا " ع " في حرب طلحة ولا طلحة في حرب على " ع " وطلحة والزبير باجماع المسلمين أفضل من هؤلاء المعدودين لأنهم زعموا انهم قد خافوا ان يكون على " ع " قد غلط وزل في حربهما وخافوا ان يكونا قد غلطا وزلا في حرب على " ع " وهذا عثمان قد نفى أبا ذر إلى الربذة كما يفعل باهل الخنا والريب وهذا عمار وابن مسعود تلقيا عثمان بما تلقياه به لما ظهر لهما بزعمهما منه ما وعظاه لأجله ثم فعل عثمان ما تناهى إليكم ثم فعل القوم بعثمان ما قد علمتم وعلم الناس كلهم وهذا عمر يقول في قصة الزبير بن العوام لما استأذنه في الغزو أنى ممسك بباب هذا الشعب ان يتفرق أصحاب محمد صلى الله عليه وآله في الناس فيضلوهم وزعم أنه وأبا بكر كانا يقولان ان عليا والعباس في قصة الميراث في عمهما كاذبين ظالمين فاجرين وما رأينا عليا والعباس اعتذرا ولا تنصلا ولا نقل أحد من أصحاب الحديث ذلك ولا رأيا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنكروا عليهما ما حكاه عمرو عنهما ونسبه إليهما ولا أنكروا أيضا على عمر وقوله في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله انهم يريدون إضلال الناس ويهمون به ولا أنكروا على عثمان دوس بطن عمار ولا كسر ضلع بن مسعود ولا على عمار وابن مسعود ما تلقيا به عثمان كانكار العامة اليوم الخوض في حديث الصحابة ولا اعتقدت
পৃষ্ঠা ১৮
الصحابة في أنفسها ما تعتقده العامة فيها اللهم إلا أن يزعموا انهم أعرف بحق القوم منهم وهذا على وفاطمة والعباس ما زالوا على كلمة واحدة يكذبون الرواية نحن معاشر الأنبياء لا نورث ويقولون انها مختلقة قالوا وكيف كان النبي صلى الله عليه وآله يعرف هذا الحكم غيرنا ويكتمه عنا ونحن الورثة ونحن أولى الناس بان يؤدى هذا الحكم إليه وهذا عمر بن الخطاب يشهد لأهل الشورى انهم النفر الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عنهم راض ثم يأمر بضرب أعناقهم ان أخر وافصل حال الإمامة هذا بعد أن ثلبهم وقال في حقهم ما لو سمعه العامة اليوم من قائل لوضعت ثوبه في عنقه سحبا إلى السلطان ثم شهدت عليه بالرفض واستحلت دمه فان كان الطعن على بعض الصحابة رفضا فعمر بن الخطاب ارفض الناس وامام الروافض كلهم ثم شاع واشتهر من قول عمر كانت بيعة أبى بكر فلتة وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه وهذا طعن في العقد وقدح في البيعة الأصلية ثم ما نقل عنه من ذكر أبى بكر في خلواته قوله عن عبد الرحمن وابنه انه دويبة سوء ولهو خير من أبيه ثم عمر القائل في سعد بن عبادة وهو رئيس الأنصار وسيدها اقتلوا سعدا قتل الله سعدا اقتلوه فإنه منافق قد شتم أبا هريرة وطعن في روايته وشتم خالد بن الوليد وطعن في دينه وحكم بفسقه وبوجوب قتله وخون عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ونسبهما إلى سرقة مال الفئ واقتطاعه وكان سريعا إلى المسائة كثير الجبه والشتم والسب لكل أحد وقل ان يكون في الصحابة من سلم من معرة لسانه أو يده ولذلك أبغضوه وملوا أيامه مع كثرة الفتوح فيها فهلا احترم عمر الصحابة كما تحترمهم العامة اما ان يكون عمر مخطئا واما ان تكون العامة على الخطأ فان قبلوا عمر ما شتم ولا ضرب ولا أساء الا إلى عاص مستحق لذلك قيل لهم فكانا نحن نقول إننا نريد ان نبرء ونعادي من لا يستحق البراءة والمعاداة كلا ما قلنا هذا ولا يقول هذا مسلم ولا عاقل وانما غرضنا الذي يجرى بكلامنا هذا ان نوضح ان الصحابة قوم من الناس لهم ما
পৃষ্ঠা ১৯
للناس وعليهم ما عليهم من أساء منهم ذممناه ومن أحسن منهم حمدناه وليس لهم عن غيرهم من المسلمين كبير فضل الا بمشاهدة الرسول صلى الله عليه وآله ومعاصرته لا غير بل ربما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم لأنهم شاهدوا الأعلام والمعجزات فقرب اعتقادهم من الضرورة ونحن لم نشاهد ذلك فكانت عقايدنا محض النظر والفكر بعرضة الشبه والشكوك فمعاصينا أخف لأنا أعذر ثم نعود إلى ما كنا فيه فنقول وهذه عايشة أم المؤمنين خرجت بقميص رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبل وهذا عثمان قد أبلى سننه اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ثم لم ترض بذلك حتى قالت اشهد ان عثمان جيفة على الصراط غدا فمن الناس من يقول روت بذلك خبرا ومن الناس من يقول موقوف عليها وبدون هذا لو قاله انسان اليوم يكون عند العامة زنديقا ثم قد حصر عثمان، حصره أعيان الصحابة فما كان أحد ينكر ذلك ولا يعظمه ولا يسعى ازالته وانما أنكر على من أنكر على المحاصرين له وهو رجل كما علمتم من وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم من أشرافهم ثم هو أقرب إليه من أبى بكر وعمر وهو مع ذلك امام المسلمين والمختار منهم للخلافة وللإمام حق على رعيته فان كان القوم قد أصابوا فإذن ليست الصحابة في الموضع الذي وضعتها به العامة وان كانوا ما أصابوا فهذا هو الذي نقول من أن الخطأ جائز على آحاد الصحابة كما يجوز على آحادنا اليوم ولسنا نقدح في الاجماع ولا ندعى اجماعا حقيقيا على قتل عثمان وانما نقول ان كثيرا من المسلمين فعلوا ذلك والخصم يسلم ان ذلك كان خطأ ومعصية فقد سلم ان الصحابي يجوز ان يخطى ويعصى وهو المطلوب وهذا المغيرة بن شعبة وهو من الصحابة ادعى عليه الزنا وشهد عليه قوم بذلك فلم ينكر ذلك عمر ولا قال هذا محال وباطل لأن هذا صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله لا يجوز عليه الزنا وهلا أنكر عمر على الشهود وقال لهم ويحكم هلا تغافلتم عنه لما رأيتموه يفعل ذلك فان الله تعالى قد أوجب الأمساك عن مساوي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وأوجب الستر عليهم وهلا تركتموه
পৃষ্ঠা ২০
لرسول الله في قوله دعوا إلى أصحابي ما رأينا عمر الا قد انتصب لسماع الدعوى وإقامة الشهادة واقبل يقول للمغيرة يا مغيرة ذهب ربعك ذهب نصفك يا مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك حتى اضطرب الرابع فجلد الثلاثة وهلا قال المغيرة لعمر كيف تسمع في قول هؤلاء وليسوا من الصحابة وانا من الصحابة ورسول الله صلى الله عليه وآله قد قال أصحابي كالنجوم بابهم اقتديتم اهتديتم ما رأيناه قال ذلك بل استسلم لحكم الله تعالى وهيهنا من هو أمثل من المغيرة وأفضل قدامة بن مظعون لما شرب الخمر في أيام عمر فأقام عليه الحد وهو رجل من علية الصحابة ومن أهل بدر المشهود لهم بالجنة فلم يرد عمر الشهادة ولا داء عنه الحد لعله انه يدرى ولا قال قد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذكر مساوي أصحابه وقد ضرب عمر أيضا ابنه حدا فمات وكان ممن عاصر رسول الله صلى الله عليه وآله ولم تمنعه معاصرته له من اقامته الحد عليه وهذا على " ع " يقول ما حدثني أحد بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله الا استحلفته عليه أليس هذا اتهاما لهم بالكذب وما استثنى أحدا من المسلمين الا أبا بكر على ما ورد في الخبر وقد صرح غير مرة بتكذيب أبي هريرة وقال لا أحد أكذب من هذا الدوسي على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال أبو بكر في مرضه الذي توفى فيه وددت انى لم اكشف بيت فاطمة ولو كان أغلق على حرب فندم والندم لا يكون الا ذنب ثم ينبغي للعاقل ان يفكر في تأخر على " ع " عن بيعة أبى بكر ستة أشهر إلى أن ماتت فاطمة " ع " فأن كان مصيبا فأبو بكر على الخطأ في انتصابه في الخلافة وان كان مصيبا فعلى على الخطأ في تأخره عن البيعة وحضور المسجد وقال أبو بكر في مرض موته أيضا للصحابة فلما استخلفت عليكم خيركم في نفسي يعنى عمر فكلكم ورم لذلك أنفه يريد ان يكون الأمر له لما رأيتم الدنيا قد جاءت اما والله لتتخذن ستاير الديباج ونضايد الحرير أليس هذا طعنا في الصحابة وتصريحا بأنه قد نسبهم إلى الحسد لعمر لما نص عليه بالعهد ولقد قال له طلحة لما ذكر عمر للأمر ماذا تقول لربك إذا سئلك عن عباده وقد وليت عليهم فظا غليظا
পৃষ্ঠা ২১