وَمن آوى مُحَاربًا أَو سَارِقا أَو قَاتلا وَنَحْوهم مِمَّن وَجب عَلَيْهِ حد أَو حق لله تَعَالَى أَو لآدَمِيّ وَمنعه مِمَّن يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْوَاجِب بِلَا عدوان فَهُوَ شَرِيكه فِي الجرم وَقد لَعنه الله وَرَسُوله روى مُسلم فِي صَحِيحه عَن عَليّ بن أبي طَالب ﵁ قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ
لعن الله من أحدث حَدثا أَو آوى مُحدثا وَإِذا ظفر بِهَذَا الَّذِي آوى الْمُحدث فَإِنَّهُ يطْلب مِنْهُ إِحْضَاره أَو الْإِعْلَام بِهِ فَإِن امْتنع عُوقِبَ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْب مرّة بعد مرّة حَتَّى يُمكن من ذَلِك الْمُحدث كَمَا ذكرنَا أَنه يُعَاقب الْمُمْتَنع من أَدَاء المَال الْوَاجِب فَمَا وَجب حُضُوره من النُّفُوس وَالْأَمْوَال يُعَاقب من منع حُضُورهَا وَلَو كَانَ رجلا يعرف مَكَان المَال الْمَطْلُوب بِحَق أَو الرجل الْمَطْلُوب بِحَق وَهُوَ الَّذِي يمنعهُ فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ الْإِعْلَام بِهِ وَالدّلَالَة عَلَيْهِ وَلَا يجوز كِتْمَانه فَإِن هَذَا من بَاب التعاون على الْبر وَالتَّقوى وَذَلِكَ وَاجِب بِخِلَاف مَا لَو كَانَ النَّفس أَو المَال مَطْلُوبا بباطل فَإِنَّهُ لَا يحل الْإِعْلَام بِهِ لِأَنَّهُ من التعاون على الْإِثْم والعدوان بل يجب الدّفع عَنهُ لِأَنَّهُ نصر الْمَظْلُوم وَاجِب فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس ابْن مَالك ﵁ قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ
انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما قلت يَا رَسُول الله أنصره مَظْلُوما فَكيف أنصره ظَالِما قَالَ تَمنعهُ من الظُّلم فَذَلِك نصرك إِيَّاه وروى مُسلم نَحوه عَن جَابر
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن الْبَراء بن عَازِب ﵁ قَالَ
أمرنَا رَسُول الله ﷺ بِسبع ونهانا عَن سبع أمرنَا بعيادة الْمَرِيض وَاتِّبَاع الْجِنَازَة وتشميت الْعَاطِس وإبرار الْقسم وَإجَابَة الدعْوَة وَنصر الْمَظْلُوم ونهانا عَن خَوَاتِيم الذَّهَب وَعَن الشّرْب بِالْفِضَّةِ وَعَن المياثر وَعَن لبس الْحَرِير والقسي والديباج والاستبرق فَإِن امْتنع هَذَا الْعَالم بِهِ من الْإِعْلَام بمكانه جَازَ عُقُوبَته بِالْحَبْسِ وَغَيره حَتَّى يخبر بِهِ لِأَنَّهُ امْتنع من حق وَاجِب عَلَيْهِ لَا تدخله النِّيَابَة فَعُوقِبَ كَمَا تقدم ولاتجوز عُقُوبَته على ذَلِك إِلَّا إِذا عرف أَنه عَالم بِهِ وَهَذَا مطرد فِي مَا تتولاه الْوُلَاة والقضاة وَغَيرهم فِي كل من امْتنع من وَاجِب من قَول أَو فعل وَلَيْسَ هَذَا مُطَالبَة للرجل بِحَق وَجب على غَيره وَلَا عُقُوبَة على جِنَايَة غَيره حَتَّى يدْخل فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى﴾ وَفِي قَول النَّبِي ﷺ
أَلا لَا يجني جَان إِلَى على نَفسه وَإِنَّمَا ذَلِك مثل أَن يُطَالب بِمَال قد وَجب على غَيره وَهُوَ لَيْسَ وَكيلا وَلَا ضَامِنا وَلَا لَهُ عِنْده مَال
2 / 42