كالشافعي وَأحمد وَهُوَ قريب من قَول أبي حنيفَة ﵀
وَمِنْهُم من قَالَ للْإِمَام أَن يجْتَهد فيهم فَيقْتل من رأى قَتله مصلحَة وَإِن كَانَ لم يقتل مثل أَن يكون رَئِيسا مُطَاعًا فيهم وَيقطع من رأى قطعه مصلحَة وَإِن كَانَ لم يَأْخُذ المَال مثل أَن يكون ذَا جلد وَقُوَّة فِي أَخذ المَال كَمَا أَن مِنْهُم من يرى أَنه إِذا أخذُوا المَال قتلوا وَقَطعُوا وصلبوا وَالْأول قَول الْأَكْثَر فَمن كَانَ من الْمُحَاربين قد قتل فَإِنَّهُ يقْتله الإِمَام حدا لَا يجوز الْعَفو عَنهُ بِحَال بِإِجْمَاع الْعلمَاء ذكره ابْن الْمُنْذر وَلَا يكون أمره إِلَى وَرَثَة الْمَقْتُول بِخِلَاف مَا لَو قتل رجلا لعداوة بَينهمَا أَو خُصُومَة أَو نَحْو ذَلِك من الْأَسْبَاب الْخَاصَّة فَإِن هَذَا دَمه لأولياء الْمَقْتُول إِن أَحبُّوا قتلوا وَإِن أَحبُّوا عفوا وَإِن أَحبُّوا أخذُوا الدِّيَة لِأَنَّهُ قَتله لغَرَض خَاص
وَأما المحاربون فَإِنَّمَا يقتلُون لأخذ أَمْوَال النَّاس فضررهم عَام بِمَنْزِلَة السراق فَكَانَ قَتلهمْ حدا لله وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْفُقَهَاء حَتَّى لَو كَانَ الْمَقْتُول عير مكافىء للْقَاتِل مثل أَن يكون الْقَاتِل حرا والمقتول عبدا أَو الْقَاتِل مُسلما والمقتول ذِمِّيا أَو مستأمنا فقد اخْتلف الْفُقَهَاء هَل يقتل فِي الْمُحَاربَة والأقوى أَنه يقتل لِأَنَّهُ قتل للْفَسَاد الْعَام حدا كَمَا يقطع إِذا أَخذ أَمْوَالهم وكما يحبس بحقوقهم
وَإِذ كَانَ المحاربون الحرامية جمَاعَة فالواحد مِنْهُم بَاشر الْقَتْل بِنَفسِهِ وَالْبَاقُونَ لَهُ أعوان وردء لَهُ فقد قيل إِنَّه يقتل الْمُبَاشر فَقَط وَالْجُمْهُور على أَن الْجَمِيع يقتلُون وَلَو كَانُوا مائَة وَأَن الردء والمباشر سَوَاء وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُور عَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فَإِن عمر بن الْخطاب ﵁ قتل ربيئة الْمُحَاربين والربيئة هُوَ النَّاظر الَّذِي يجلس على مَكَان عَال ينظر مِنْهُ لَهُم من يَجِيء وَلِأَن الْمُبَاشر إِنَّمَا يُمكن من قَتله بِقُوَّة الردء ومعونته والطائفة إِذا انتصر بَعْضهَا بِبَعْض حَتَّى صَارُوا ممتنعين فهم مشتركون فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب كالمجاهدين فَإِن النَّبِي ﷺ قَالَ
الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم وهم يَد على من سواهُم وَيرد متسريهم على قعدهم يَعْنِي أَن جَيش الْمُسلمين إِذا تسرت مِنْهُ سَرِيَّة
2 / 35