مُوسَى وَعِيسَى رسولان رسولان والتوراة وَالْإِنْجِيل كِتَابَانِ منزلان من عِنْد الله ومحمدا لَيْسَ برَسُول وَالْقُرْآن لم ينزل من الله فبطلان قَوْله فِي غَايَة الظُّهُور وَالْبَيَان لن تدبر مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد ﷺ وَمَا جَاءَ بِهِ من قبله وتدبر كِتَابه والكتب الَّتِي قبله وآيات نبوته وآيات نبوة هَؤُلَاءِ وَشَرَائِع دينه وَشَرَائِع دين هَؤُلَاءِ وَهَذِه الْجُمْلَة مفصلة مشروحة فِي غير هَذَا الْموضع لَكِن الْمَقْصُود هُنَا التَّنْبِيه على مجامع جوابهم وَهَؤُلَاء الْقَوْم لم يَأْتُوا بِدَلِيل وَاحِد يدل على صدق من احْتَجُّوا بِهِ من الْأَنْبِيَاء فَلَو ناظرهم من يكذب بهؤلاء الْأَنْبِيَاء كلهم من الْمُشْركين والملاحدة لم يكن فِيمَا ذَكرُوهُ حجَّة لَهُم وَلَا حجَّة لَهُم أَيْضا على الْمُسلمين الَّذين يقرونَ بنبوة هَؤُلَاءِ فَإِن جُمْهُور الْمُسلمين إِنَّمَا عرفُوا صدق هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء بِإِخْبَار مُحَمَّد أَنهم أَنْبيَاء فَيمْتَنع أَن يصدقُوا بالفرع مَعَ الْقدح فِي الأَصْل الَّذِي بِهِ علمُوا صدقهم وَأَيْضًا فالطريق الَّذِي بِهِ علمت نبوة هَؤُلَاءِ بِمَا ثَبت من معجزاتهم وأخبارهم فَكَذَلِك تعلم نبوة مُحَمَّد بِمَا ثَبت من معجزاته وأخباره بطرِيق الأولى فَيمْتَنع أَن يصدق أحد من الْمُسلمين بنبوة وَاحِد من هَؤُلَاءِ مَعَ تَكْذِيبه لمُحَمد فِي كلمة مِمَّا جَاءَ بِهِ
فصل فِي عُقُوبَة الْمُحَاربين بَين وقطاع الطَّرِيق
قَالَ الله تَعَالَى فيهم ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم﴾ وَقد روى الشَّافِعِي ﵀ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس ﵁ فِي قطاع الطَّرِيق
إِذا قتلوا وَأخذُوا المَال قتلوا وصلبوا
وَإِذا قتلوا وَلم يَأْخُذُوا المَال قتلوا وَلم يصلبوا
وَإِذا أخذُوا المَال وَلم يقتلُوا قطعت أَيْديهم وأرجلهم من خلاف
وَإِذا أخافوا السَّبِيل وَلم يَأْخُذُوا مَالا نفوا من الأَرْض وَهَذَا قَول كثير من أهل الْعلم
2 / 34