وقالوا : بالعلم علم ، ولولا علمه لم يكن عالما ، ولولا قدرته لم يكن قادرا ، ولولا إرادته لم يكن مريدا . وأظهروا افتقاره إلى هذه المعاني تعالى الله ، وسلبوها عن ذاته وجعلوها محتاجة إلى الغير .
ولما نظروا إلى العلم لا يوصف بالقدرة ولا بالإرادة ولا بالحياة ، والقدرة كذلك لا توصف بالعلم والإرادة ، تكعكعوا ورجعوا إلى الذات . وقالوا : لابد لها من المعاني المذكورة من الحياة والقدرة والعلم والإرادة ، ولابد لهذه المعاني من ذات تقوم بها هذه المعاني بمجموعها ، ومجموعها هو الإله . فضاهوا بقولهم قول الذين كفروا من قبل ، قاتلهم الله أنى يؤفكون ، وهو قول أهل الهيلى والصورة ، وجاوزوهم إلى الثنوية ( 1 ) ، ثم إلى أصحاب ثالث ثلاثة أصحاب الأقاليم ، بل إلى أصحاب الطبائع الأربع
أصحاب الاسطقسات من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، بل إلى الخرمية الذين قالوا بالأس بل إلى أصحاب العدد الكامل أهل التسديس ، فجاوزوهم إلى التسبيع والتثمين ، ولم يبلغوا التسيع إلا الاثنى عشر ، وهذا تنبيه على ما قلنا أولا من الإشارة إنهم يهربون إلى المشكل ، من غير ما ضرورة دافعة وربهم أغنى بأن يجعلوه عضين كالمشركين في القرآن .
ثم إنا سألناهم عن هذه المعاني التي أوجبوها قديمة مع الباري سبحانه أين هي ؟
فقالوا : قائمة بالذات . فضاهوا بقولهم قول المحقين في الأعراض : أنها حالة في الجسد .
وقالوا هم : إن المعاني قائمة بالذات . فلو جعلوا الأعراض قائمة بالجسم والمعاني التي ذكروها حالة في ذات الباري سبحانه لما زادوا ، فالمعنى الموجود في الأجسام صراحا نحلوه ذات الباري سبحانه برحا ، ولبسوا على أنفسهم حين خالفوا بين الألفاظ فما يتحاشون مما يأتون به من لا شيء ، أولا يرون أن الحي منا حي والباري سبحانه حي .
وقد قدمنا أن اللغة واحدة ، والقائمة حالة والحالة قائمة .
পৃষ্ঠা ৫২