اعلم أن الأشعرية (2) قد اختلفنا معهم في عشرة مواطن :- أولها : أنا قلنا الباري سبحانه يوصف بالعلم والقدرة والإرادة وسائر الصفات التي يوصف بها . فقالوا : إنها معاني وليست بصفات . فالعلم عندنا صفة وعندهم معنى لا صفة ، والقدرة عندنا صفة وهي عندهم معنى ليست بصفة ، وكذلك الإرادة وسائر الصفات ليست بصفات ولكنها معاني .فالصفة عندهم هي الوصف .
والثاني : أنهم أطلقوا على هذه المعاني التي ذكروها أنها أغيار لله تعالى ، فأوجبوا التغاير بينها البين .
والثالث : أنهم أثبتوها معاني غير الله وهي قديمة . ونحن نقول : ليس هناك معنى غير الله ولا قديم مع الله .
والرابع : أن بمقتضى هذه المعاني كان الله موصوفا بها : فبالعلم كان عالما ، وبالقدرة كان قادرا ، وبالإرادة كان مريدا ، وعلم بعلم ، وقدر بقدرة ، وأراد بإرادة ، وحيي بحياة ، وقدم بقدم .
والخامس : أن هذه المعاني التي وصفوه بها معان قائمة بالذات ذات الباري سبحانه .
والسادس : أنهم وصفوه بالوجه واليدين والرأس والعينين والجنب والجلسة واليمين والقبضة والساق والقدم والاستواء والميل وخرق الحجب وركوب الحمار والأقمر وأنه النور الأنوار .
والسابع : أن الكلام من المعاني التي وصفوه بها وهو قائم بذاته ولم يزل به .
والثامن : أن الأمر والنهي والمندرجين في الكلام من المعاني التي وصفوه بها وقائمان بذاته ولم يزل كذلك ، وتعالى الله عن ذلك .
والتاسع : أن القرآن وسائر الكتب المنزلة من الله من المعاني التي يوصف بها في ذاته لم يزل بذلك سبحانه .
والعاشر : أن العدل والإحسان والفضل والمن والإنعام صفاته ، ولكنها أفعاله محدثة .
ولابد من مقدمات تكون بين يدي هذه المسائل إما وصلا بين المتناظرين أو عدلا وفصلا بين المختلفين .
أحدها : أن يقع الاتفاق على أن الباري سبحانه لم يفرد نفسه بلغة غير لغتنا التي استعملناها بيننا .
والثاني : ألا يطلق على الباري سبحانه ما لم يأذن به الشرع ، أو معنى يحيله العقل ، لاتفاقنا نحن وهم على أن الله - عز وجل - ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
والثالث : مراعاة اللسان التي يقع بها التناظر والتحاور بين الفريقين ، ويق بها البيان بين المختلفين . ومع الثلاثة أخرى :
أحدها : أن يتضح المعنى الذي أراده المتناظران ، فيحصل حدا أو رسما ، لئلا يصيرا كالأحولين .
الثاني : أن يستند قول الحق منها إلى البرهان الصحيح حقيقة وتبيانا ، فيحصل علما ضروريا أو عقليا أو شرعيا أو لغويا .
والثالث : الإقرار بالحق إذا ظهر ، والإذعان له إذا بهر ، والاتنصار إذا كفر من جميع من حضر .
اعلم أن الأشعرية بنت مذاهبها في الباري سبحانه وصفاته وأسمائه وتشبيهه بخلقه على الهروب من الواضح إلى المشكل ، وعولت بعد العثار على الاعتذار ، وأني لهم به بعد الانتصار ؟ وتعرضوا للبلاء وهم عنه أغنياء فلن يرضى بهذا عاقل ولن يخفى على جاهل ، وقد قال الأول : (( إياك وما يعتذر منه )) . كل الوجوه ، وأقررنا بالوحدانية لا شريك له .
পৃষ্ঠা ৫০