وليس في مسائلهم مسألة معنوية إلا المغالطة في الألفاظ ، واللفظ قشر والمعنى لباب . وليس في جميع المذاهب أقرب منهم إلينا ولا أبعد منهم عنا ضغنا واستكبارا وجهلا وإنكارا ، صدق الله - عز وجل - : ( قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ) .
فأول مسائلهم في الأسماء والصفات ، فذهبوا إلى أسماء الله - عز وجل - وصفاته إلى الألفاظ وذهبنا إلى المعاني ، فاللباب أفضل من القشر ، فلو كانت الأسماء هي الألفاظ ، لما كان لله تعالى فيها مدحة ولا ثناء ولا عظمة ، كما أنه لو كانت الصفات هي الألفاظ لكانت كذلك .
فمهما قلنا : الله عالم . اقتضى قولنا الوصف دون الصفة ، والمعنى الصفة دون الوصف ، والوصف منسوب إلينا وهو من أفعالنا والصفة منسوبة إلى ذات الباري سبحانه ، إذ لا تجري التجزئة عليه ، فتلبس الأمر عليهم ، ولم يحسنوا التفرقة بين الوصف والصفة كما قدمنا ، والوصف يتعلق باللسان والصفة بالذات ، ومن ذلك قولك : أعطيت إعطاء ، وأعطيت عطية . فالإعطاء : فعل المعطى ، والعطية هاهنا : المعنى المعطى .
وكذلك قولهم في الولاية والعداوة والحب والبغض والرضى والسخط :
اقتصروا فيه على ما أبصروا بأبصارهم ، ولم يتجاوزوه إلى بصائرهم .
وكذلك قولهم في تشريك المشبهة ، فإن اقتصرت المشبهة على اللفظ دون المعنى ، اقتصروا على الشرك ، ووسعهم إن لم يستبصروا ، فإن استبصروا في اللفظ دون المعنى خابوا وخسروا ، وإن استبصروا في المعنى أشركوا بالله العظيم فلم تغن عنهم الآيات ولا الذكر الحكيم .
وأما قولهم في حجة الله لا تقوم إلا بسماع ، وقد سمعها الناس كلهم . وربما سمعوا هم ولم يسمع الناس .
وأما المتبرجة : فإن جهلوا كفرها ولم يبيحوا لها فعلها عذرناهم ، وقدما قالوا في النامصة والمتنمصة والواشرة والمتوشرة والنائحة والمستمعه والمتفلجات للحسن في عشر لعنها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وأثبتوا اللعنة وامتنعوا من التكفير والتفسيق .
পৃষ্ঠা ৪৩