ومن المعلوم أن أحزاب الإصلاح لا تسلم من المعارضين الذين يألفون الخمول ويؤون إلى كهوف الانزواء (2) طلبا للسلامة في زعمهم واتقاء من الحوادث ، فكيف بالذين يستهترون(3) ويلجون(4) أبوابا طلبا للرياسة أو التذاذا بالخلاف ، في حين أنهم لا يدركون من يقظةالأفكار ولامن انتباه النفوس الساميةشيئا ما إلا الجريان على قاعدة (خالف تعرف )كي يصلوا إلى بعض ما سولت لهم أنفسهم من الظهور الفارغ.
ولقد كنا طوينا كشحا وضربنا صفحا (5) عن هذا الموضوع ردحا (6) من الزمن ، رغم ما نشاهده من استهتار الذين جبلت نفوسهم على حب الشقاق والعناد ورفع لواء النفاق والفساد ، تنزها عن أن نتنازل إليهم ،وترفعا عن أن نكون في مستواهم وتجافيا (7) لمكافحة من لا تأثير له بالحق ، إذ هي عناء . لذا قال المتنبي :
ومن البلية عذل من لا يرعوي (8)
عن غيه وخطاب من لا يفهم
وددنا والله أن تطوى صحيفته طيا لا نشر بعده ، لكن أبى أولئك الأشقياء الا أن يلجوا في طغيانهم يعمهون(9) وحسبوا إعراضنا ضعفا ووهنا ، ولم يزالوا منهمكين
(1)الفل الثلم (2) الاستتار (3) يتبعون هواهم فلا يبالون بما يفعلون (4)الولوج الدخول
(5) كناية عن الإعراض وصفح ترك التثريب (6) سعة (7) إعراضا (8) يرجع ، والغي الباطل
(9) عمه تردد في الأمر وتحير ، والطغيان تجاوز الحد ، ولج تمادى على العناد
في مقاومة الحق ومناوأة النهضة العلمية ، والطعن في الأعراض ، واختلاق ما عساهم أن يلصقوه بأولئك الذين أخلصوا دينهم لله ، وعملوا بالواجب الذي ينشده كل غيور ، ويسعى إليه كل حصيف، (1)ولابدع إن بادرنا إلى حماية الحق وصون العرض من إفك الخراصين (2) ودفع شكوك ربما تحوم حول القاصرين
ولاخير في حلم إذا لم يكن له بوادرتحمي صفوه أن يكدرا
أصيب وطننا منذ أمد ببعض الحائرين ، يجرون إليه الخزي.
পৃষ্ঠা ৪