شقيت أمة ابتليت بهؤلاء ، وسعدت التي هبت إلى العلم والعمل للدين والدنيا والبحث عن الحقائق والتمسك بالإسلام الذي اعترف بفضله محاربوه ، وجهله المنتسبون إليه ( فالمباديء لا تعتز إلا بنصرائها ) وهم يدعون أنهم على منهج السلف (معاذ الله) مؤسسي المجد الذي حفظه التاريخ وغفل عنه الجاهلون بأسباب حياة الأمم ، ومما لا خلاف فيه بين العقلاء العارفين أن الدين هو أساس السعادة وما يستوجب من العلوم لازمة قطعا سواء أعينية أم كفائية . وما خالف هذائك الذين هبوا إلى تخليص وطنهم من مخالب الجهل وأخطار الجمود إذا لا ريب في تعنت المعارضين ومصارعتهم للحق ( من صارع الحق صرع ) إليك ما أسلفنا الوعد به من إلمام بيسير من فوائد العلوم الكونية وغيرها من علوم الحياة مما يزاوله الشباب في المدارس النظامية الإسلامية الحرة، مع العلوم الدينية التي ما كان ينبغي للمرء أن يحيد عنها أو يكون خاليا مما لا يسع جهله منها أو يرجو رضاء الله بدون التلبس بمضمونها: { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ( الكهف / 110)
وتعاريفها تزييفا للشكوك التي اعتورت الأفهام الضعيفة الأفكار القاصرة فجنت على أهلها وعلى الدين بما هو براء منه { ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين } ( الحاقة / 45،44)
فن التاريخ (1)
التاريخ فن دونت فيه أخبار الأمم وحوادثها، وسير الملوك ومشاهير الرجال؛ ليطلع العاقل من ذلك على أحوال من سبق من الأمم وأخلاقهم وعاداتهم وسياستهم؛ فيعتبر بما كان لهذه من النتائج الحسنة والسيئة، سواء في ذلك الإنسان في خاصة نفسه أو مع أبناء جنسه، والملك في رعيته والأمة في سائر شؤونها ، ذكر الله تعالى في كتبه المقدسه كثيرا من قصص الأولين؛ ليعتبر الناس ويتبصروا في سائر أحوالهم فيتبعوا السبيل المستقيم الذي في سلوكه الفوز والسعادة .
فالتاريخ علم نافع لا يجهل قدره إلا جامد لا يعرف من أين يستفيد وينمي عقله ويوسع مجال نظره ، ولا كيف يصل إلى الحقائق ولا يخطئ في إصابة المرمى ولا يغتر بظواهر ، ولا كيف يجد السبيل إلى معرفة المستقبل المجهول ويملأ نفسه عظة واعتبارا ويعمر قلبه بالوجدان الشريف .
পৃষ্ঠা ৩০