بسم الله الرحمن الرحيم وبعد: فاعلم يا أخي، أنا وإياك في بحر من بحور العمى عميق، لا يصل معه أحد إلى هدى إلا أن يرشده الله ويهديه إلى ملجأ وثيق، فكر أهله سقيمة مدخولة، وعبر من فيه فعظيمة مجهولة، لا يعتبر بها منهم معتبر، ولا يفكر فيها منهم مفكر، فقلوب من يسمعها منهم ويراها، مقفلة والله المستعان على هداها، فهدانا الله ياأخي وهداك، بما أرانا الله منها وأراك، ونفعنا ونفعك، بما أسمعنا وأسمعك، فكم رأينا وسمعنا من عبر لا نحصيها ولو جهدنا كل جهد، وفي الاعتبار بأقلها أهدى الهدى وأرشد الرشد، فمنهم ما نرى بالعيان، ونسمعه في كل حين بالآذان، من موت وفناء، يذهب دائبا بالأحياء، تراه عيانا كل عين، وتسمع به في كل حين، وكم رأينا عيانا من جار ومعارف، وقرين محآل مؤالف، قد دهاه من حمام الموت وفاته ما دهاه، واغتره ما كان فيه من حياة دنياه، ولحق بدار الموت والبلاء، وصار إلى محلة الموت والفناء، فمات بموته أمره وشأنه، ونسيه إذ مات أوداده وأخدانه، ولها عنه أهله، وهجر بعده محله، فلم ير منهم واقف عليه، ولم يلتفت منهم ملتفت إليه، وكم عاينت من أولئك؟! ورأيت من ذلك!!
পৃষ্ঠা ৩৪৬