على أثر اللعنة متصلة لكفرهم بمحمد بتضييعهم التورية والإنجيل وعبادتهم العجل ونسبتهم عيسى إلى كونه ولد الزنا (وللكافرين عذاب مهين) [90] أي ولهم «1» عذاب مخزبهم «2» يهانون فيه.
[سورة البقرة (2): آية 91]
وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين (91)
(وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله) أي بالقرآن المنزل على محمد وهم يهود أهل المدينة (قالوا نؤمن بما أنزل علينا) أي بالتورية (و) هم (يكفرون بما وراءه) أي بما سواه، والواو للحال، وعاملها «قالوا نؤمن»، يعني قالوا في الجواب: نصدق ما معنا من الكتاب جاحدين القرآن (وهو الحق) حال والعامل «يكفرون» (مصدقا لما معهم) حال مؤكدة، وعاملها معنى الفعل في «الحق» وصاحبها ما فيه من الضمير الراجع إلى القرآن، وفيه رد لمقالتهم نؤمن بالتورية لأن معناه أحقه حقا حال كونه موافقا لكتابهم، فاذا كفروا بما يوافق التورية فقد كفروا بها، وقالوا: إنك لم تأتنا بمثل الذي أتانا به أنبياؤنا من قبلك، فأمر الله تعالى أن يقول نبيه عليه السلام معترضا عليهم بالاستفهام عن قتلهم الأنبياء مع ادعائهم الإيمان بالتورية التي لا تسوغ قتل الأنبياء (قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل) أي قبل مجيئ «3» نبي «4» بالرسالة إليكم، يعني قتلهم آباؤكم ورضيتم بفعلهم وقد جاؤا بالبينات والحجج (إن كنتم مؤمنين) [91] أي مصدقين بالأنبياء، قيل: فيه دليل على أن من رضي بالمعصية فكأنه فاعل لها، وإن من ادعى أنه مؤمن بالله وكتابه ينبغي أن يكون أفعاله مصدقة لقوله فيه «5».
[سورة البقرة (2): آية 92]
ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون (92)
(ولقد جاءكم موسى بالبينات) أي الحجج الواضحات (ثم اتخذتم العجل) إلها للعباد (من بعده) أي بعد ذهابه إلى الجبل للمناجاة (وأنتم ظالمون) [92] بما حدث منكم من عبادة العجل.
[سورة البقرة (2): آية 93]
وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين (93)
(وإذ أخذنا ميثاقكم) أي العهد منكم (ورفعنا فوقكم الطور) أي الجبل، وكرر رفع الطور للتأكيد، وقلنا لكم (خذوا ما آتيناكم) أي أعطيناكم من الكتاب (بقوة) أي بجد واجتهاد (و) قلنا (اسمعوا) ما أمرتم به في الكتاب وأطيعوه (قالوا) يا محمد (سمعنا) قولك (وعصينا) أمرك ولو لا مخافة الجبل ما قبلنا في الظاهر (وأشربوا) أي خولطوا، ثم بين مكان الأشراب فقال (في قلوبهم العجل) أي حبه، يعني أدخل في صدورهم حب العجل للعبادة دخول الصبغ في الثوب (بكفرهم) أي بسببه (قل بئسما يأمركم به إيمانكم) بالتورية، يعني عبادة العجل، وفيه استهزاء بهم، لأنه ليس في التورية عبادة العجل ليأمر بها إيمانهم بها (إن كنتم مؤمنين) [93] بالتورية، وفيه تشكيك في إيمانهم، لأنهم قالوا نؤمن بما أنزل علينا ولن يدخل الجنة إلا من كان هودا فادعوا أن الجنة لهم خاصة دون سائر الناس.
[سورة البقرة (2): الآيات 94 الى 95]
قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين (94) ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين (95)
فقال الله تعالى لنبيه (قل إن كانت لكم الدار الآخرة) أي الجنة (عند الله) نصب خبر «كان»، قوله (خالصة) نصب على الحال من الدار، يعني إن صحت دعويكم أن الجنة خاصة سالمة لكم (من دون الناس) أي دون
পৃষ্ঠা ৬১