سجدة التحية «1» (فسجدوا إلا إبليس) اسم أعجمي لا ينصرف للعجمة والعلمية، وقيل: عربي من الإبلاس بمعنى الإياس «2»، وإنما «3» لم ينصرف للعلمية «4» وعدم النظير له «5»، والاستثناء منقطع إن لم يكن من جنس الكلام وإلا فمتصل (أبى) أي امتنع من السجود (واستكبر) أي تعظم وأظهر كبره (وكان) أي صار (من الكافرين) [34] بعد أن لم يكن كافرا، وقيل: كان في علم الله منهم وهذا القول جبري، والأول سني «6».
[سورة البقرة (2): آية 35]
وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (35)
ثم أمر الله الملائكة أن يحملوا آدم على سرير من ذهب إلى السماء، فأدخلوه الجنة، ثم خلق من ضلعه اليسرى وآدم بين النوم واليقظة حواء زوجته، فاستيقظ فرآها عنده فقال من أنت؟ فقالت: أنا زوجتك، خلقني ربي لأسكن إليك وتسكن إلي «7».
فأخبر تعالى عن ذلك بقوله (وقلنا) لآدم (يا آدم اسكن) أي اثبت (أنت وزوجك) حواء (الجنة) أي بستان الخلد، قيل: هي في السماء السابعة «8»، والزوج يطلق على الذكر والأنثى، وقد يلحقه تاء التأنيث للمرأة، وسميت حواء، لأنها خلقت من الحي (وكلا منها) أي من الجنة (رغدا) أي أكلا واسعا طيبا بلا فوت وتقدير وتقتير (حيث شئتما) أي من أي مكان أردتما بلا ضيق عليكما (ولا تقربا هذه الشجرة) بالأكل، وليس النهي عن الدنو بل عن الأكل، أي لا تأكلا منها، وإلا لضم الراء، لأن الضم يختص بالدنو، قيل: إنها شجرة القمح «9» أو شجرة الكرم «10» أو شجرة التين «11»، والسر في النهي أنه خلقه من أرض الدنيا ليسكن فيها فامتحنه بذلك كما يمتحن نسله في الدنيا بالحلال والحرام للآخرة «12»، المعنى: أني أبحتكما السكون في الجنة والأكل من كل شجرة منها إلا هذه الشجرة، فلا تأكلا منها شيئا (فتكونا من الظالمين ) [35] أي الضارين بأنفسكما بمخالفة أمري، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، والفعل مجزوم عطف على «تقربا» أو منصوب في جواب النهي.
[سورة البقرة (2): آية 36]
فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (36)
روي: أن إبليس لما رآى آدم وحواء سكنا الجنة وأحباها لنعيمها حسدهما واحتال لإخراجهما منها، فعرض إبليس نفسه على كل دابة من دواب الجنة أن يدخل في صورتها فامتنعت حتى أتى الحية، وكانت هي أحسن دابة خلقا في الجنة، فأطاعته فدخل في فمها وقام في رأسها وأتى باب الجنة وناداهما وقال ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن يكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، وهذه الشجرة شجرة الخلد، من أكل منها يبقى في الجنة أبدا، فأبى آدم من ذلك فقاسمهما بالله أنه ناصح لهما، فأكلت حواء ثم ناولت آدم، فكان يحبها فكره أن يخالفها، وكان آدم يقول لها لا تفعلي أني أخاف من العقوبة، وكانت حواء تقول: إن رحمة الله
পৃষ্ঠা ৪২