ويرى أنه صلى يوم الجمعة بذي جبلة. ثم خرج من الجامع يريد بيته. وكان يسكن بذي بجدان مواضع من موقف المسجد المذكور. فلما صار في الطريق لقيه رجل راكب على بغلة حسنة ومعه عدة غلمانٍ. فظنه وزيرًا أو قاضيًا أو بعض الكبراء من غلمان الدولة. وكان السلطان نور الدين يومئذ في قصر عومان. فسأَل الفقيه عن صاحب البغلة حين قابله فقيل له هذا طبيبُ يهوديَُ يخدم السلطان في هذه الوظيفة. فانقضّ عليه الفقيه واجتذبه من البغلة التي هو عليها وألقاه على الأرض وخلع نعله وضربه به ضربًا موجعًا شديدًا وجعل يقول. يا عدوَّ الله وعدو رسوله لقد تعديت طورك وخرجت عن واجب الشرع فينبغي إهانتك. ثم تركه وقد بلغ منه مبلغًا. فقام اليهوديُّ ورجع إلى باب السلطان وهو يستغيث وقد قلت عمامته. فقيل له من خصمك. فقال الفقيه محمد الماربي. فأرسل مولانا السلطان نور الدين رحمة الله عليه رسولًا يسأله عن القصة. فلما جاء الرَّسولُ قال له الفقيه سلم على مولانا السلطان وعرفه أنه لا يحل له أن يترك اليهود يركبون البغال بالسروج ولا يحلُّ لهم أن يترأَسوا على المسلمين ومتى فعلوا هذا فقد خرجوا عن ذمة الإسلام عليهم. فرجع الرسول بالجواب إلى السلطان عن الفقيه والسبب. فلما سمع السلطان ذلك قال لليهوديّ. تقدَّم مع الرسول إلى الفقيه ليعرفك ما يجب عليك من الشرع فتفعله. ثم قال للرسول. قل للفقيه يسلم عليك السلطان ويجب أن تعرف هذا اليهودي ما يجب عليه في الشرع ومتى جاوزه فقد برئ من الذمة. فقال له الفقيه يجب عليك كذا وكذا ولا تفعل إلا ما هو كذا وكذا ومتى تعديت وجب عليك النكال وحل دمك. فانصرف اليهوديُّ ورجع الرسول إلى السلطان فأَخبره بما كان من الأمر. فقال له: إياك أن تتعدى ما أمرك به الفقيه فتقتل ولا ينفعك أحد فإن هذا حكم الله وشرع رسوله ﷺ. فانصرف اليهودي إلى منزله. ولم يزل الفقيه على التدريس في المسجد المذكور إلى أن توفي في سنة ٦٣٨.
وفي سنة ٦٣٩ استولى السلطان نور الدين على حصنت يُميَن والشواهد
1 / 68