المصرية. فندم كل من مكان معه من العسكر لما لم يميلوا إلى الملك المنصور وكان الأمير جبرائيل أشجع أُمراءِ مصر. ولما دخل السلطان نور الدين مكة أَنفق على عساكره وتصدق بأَموال جزيلة. وجعل رتبة في مكة مائة وخمسين فارسًا. وجعل عليهم ابن الوليديّ وابن التعزّي. فأقاموا في مكة. وفي هذه الوقعةِ يقول الأديب جملا الدين محمدُ بن عمير رحمة الله عليه:
ما ضرَّ جيران نجد حيثما بعدوا ... لو أنهم وجدوا لي مثل ما أجدُ
ومن أَباح لأَهل الدمنتين دمي ... ما فيه لا ديةُ منهم ولا قَودُ
وفيها يقول
قل للعصائد حثي واذملي وخذي ... مثل النجائب في القفر الذي أخدُ
قصي الحديث عن المنصور ما فعلت ... جنوده وعن القوم الذي حسدوا
لقيهم بجنود لا عديد لها ... وهم كذاك جنودُ مالها عددُ
فزلزل الرعب أيديهم وأرجاءَهم ... حتى السماء رأَوها غير ما عهدوا
ولَّوا وكان الذي يلقى بهم أَسدًا ... فعاد ثعلب قفر ذلك الأَسدُ
ومن يلوم أميرًا فرَّ من ملك ... لا ذا كذاك ولا كالخنصر العضدُ
وفي هذه السنة توفي الفقيه الصالح محمد عمر بن موسى بن عبد الله الجبرتي بلدًا القرشي نسبًا. وكان فقيهًا كبير القدر شهير الذكر عالمًا عاملًا. أخذ عن جماعة في مواضع شتى. وكان أخذه بعدن عن الفقيه إبراهيم العريطي ثم لما طلع الجبال أخذ عن جماعة. منهم عبد الله بن عبد الرحمن الرهي وغيره وكان صاحب كرامات ومكاشفات. درس في مسجد السنة مدة طويلة. فتفقه به جماعة من الأكابر ومن الأصاغر. ومن جملة من أخذ عنه من المشاهير عمر بن سعيد العقيبي وغيره. ولا يعرف له شيخ غيره في الفقه خاصة.
وحكى بعض تلامذته. قال كنت أتولى خدمة الفقيه محمد بن عمر فخرجنا معه يومًا إلى الغيل لا غسل له ثيابه بحضرة. فبينا أنا وهو كذلك إذ اقبل فقيه من أهل
1 / 65