الحاج (١) في المدخل فانظره، وقال الشافعي (ض): كل ما له مستند من الشرع فليس ببدعة وإن لم يعمل به السلف، لأن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام لهم في الوقت، أو لما هو أفضل منه، أو لعله لو بلغ جميعهم عمل به، والأحكام مأخوذة من الشارع وقد أثبته، نعم، واختلفوا أيضا فيما لم يرد في السنة له معارض ولا مثبت هل هو بدعة؟ وقاله مالك، أو ليس ببدعة؟ وقاله الشافعي، مستندا لحديث: "ما تركته لكم فهو عفو" (٢) ذكره ابن الحاج في باب الذكر، والله أعلم.
وعلى هذا اختلافهم في حزب الإدارة (٣) والذكر بالجمع والجهر، والدعاء كذلك (٤) إذ ورد في الحديث الترغيب فيه ولم يرد عن السلف
_________
(١) هو محمد بن محمد أبو عبد الله العبدري الفاسي، فقيه بمذهب مالك صاحب المدخل (ت ٧٣٧) الديباج المذهب ٣٢٧.
(٢) خرجه البزار، وقال: إسناده صالح، والحاكم، وقال هو والذهبي: صحيح، انظر مختصر زوائد سنن البزار ٢/ ٩٣، والمستدرك ٢/ ٣٧٥.
(٣) حزب الإدارة أن يجتمع القوم فيقرؤون في السورة الواحدة جماعة، كرهه مالك وقال: لم يكن هذا من عمل الناس، وكره كذلك قراءة الذين يجتمعون ويقرؤون سورة واحدة يقرأها كل واحد حتى يختمها على إثر صاحبه، أما لو قرأ أحدهم منها آيات، ثم قرأ الآخر على إثره، لم يكن به بأس عنده، لأنه يعرض بعضهم على بعض، وهو جائز، انظر الحوادث والبدع ص ٣١٢.
وفي المعيار ١/ ١٥٥ و٨/ ٢٤٩، أن ابن لب والقابسي سئلا عن قراءة حزب القرآن في الجماعة، فأجابا: أن قراءة الحزب في الجماعة لم يكرهها أحد إلا مالك، على عادته في إيثار الاتباع، وجمهور العلماء على جوازها، لما جاء في الصحيح: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده"، مسلم ٤/ ٢٠٧٤.
(٤) تعرض المؤلف لمسألة الجهر بالذكر في كتابه قواعد التصوف، وبسط الأدلة عليها، ومما قاله هناك: فأما الذكر فدليله: "من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه"، قيل:
ومن أدلته: ﴿كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا﴾، وقال ابن عباس: ما كنت أعرف انصراف الناس من الصلاة إلا بالذكر، رواه البخاري، والجهر في ذكر العيد، وفي أدبار الصلوات، وفي الثغور، وفي الأسفار، حتى قال (ص): "اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا"، وقد جهر (ص) بأذكار وأدعية في مواطن جمة، وكذا السلف .. وكل هذا دال على الجهر والجمع .. وقال (ص) في الحديث المتفق عليه: =
1 / 39