وقد روينا بالإسناد الموثوق به إلى العقيقي رحمه الله، قال: حدثني(1) جدي قال: حدثنا عباد قال: حدثنا سعيد بن خيثم(2) قال: لما تفرق أصحاب زيد عنه، وحصرت دار الرزق، ولم يبق من الناس إلا ثلاثمائة رجل، جاءنا يوسف بن عمر في عشرة آلاف مقاتل قد صفهم صفا خلف صف، حتى لا يستطيع أحد يلوي عنقه فجعلنا نضرب فلا نرى إلا النار تخرج من الحديد، فظهرنا عليهم وقتلنا منهم مقتله عظيمة، وجاء سهم فأصاب جبين زيد، فأنزلناه وانحزنا به إلى دار امرأة من همدان، وقد ظنوا أن انصرافنا على جاري عادتنا في المبيت، وقد كرهونا وهابوا قربنا ويئسوا من الظهور، فلما صار في بيت المرأة، كان رأسه في حجر محمد بن سلمة الخياط(1) ، ورجلاه في حجر أخ له، فقال: أين يحيى؟ فجاء يحيى فأكب عليه، وقال: ابشر يا أبتاه ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: أجل يابني، ولكن ايش تريد أن تصنع؟ قال أريد والله أن أقاتلهم ولو لم أجد إلا نفسي، قال فافعل يا بني فوالله إنك لعلى(1) الحق وأنهم لعلى الباطل، وإن قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار، ثم قال: قين قين، فجئناه بحداد فنزع السهم وكانت نفسه معه فهذه مدة زيد عليه السلام ثلاثة أيام، فيالها من أيام ما أشرف وأنفع أثرها في دين الله، فتحت باب الجهاد للمجاهدين، وكشفت الغطاء عن أعين الغافلين، وميزت بين المحقين والمبطلين، وصدقت قول الله سبحانه [في قوله](2) {وفضل الله المجاهدين على القاعدين}[النساء:95]، كيف يكون إماما من أغلق بابه عن نصرة المستضعفين، وأرخى ستره فرقا من سطوة الظالمين، فلقد جاءت الرافضة شيئا إدا، وبعدت عن الصواب جدا، إذ رامت هدم قواعد الدين الصليبة بواهن فرعها، وهزم صلاب(3) ثوابت الأدلة بمتذاب(4) جمعها، نفخت في غير ضرام، ورامت قلع ركني شمام، وفرقت بين الذرية الزكية، كما فرقت اليهود والنصارى بين أهل النبوة.
পৃষ্ঠা ১০৩