وكان زيد عليه السلام قد وعد أصحابه للخروج ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة، فخرج قبل الأجل لمبادرة القوم له بالطلب، فخاف أن يوقف عليه وهو على غير أهبة، فخرج ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم، في ليلة شديدة البرد من دار معاوية بن اسحاق، فرفعوا الهرادي فيها للنيران(1) ونادوا بشعار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان ديوانه قد انطوى من أهل الكوفة على خمسة عشر ألف مقاتل، غير أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان، والري وجرجان، فلم يف له إلا القليل، وسلك أهل العراق معه مسلكهم مع جده الحسين [بن علي](2) عليه السلام، فلما ظهر واجتمع إليه من اجتمع، وأقبلت إليه جنود أهل الشام، وكانوا في اثني عشر ألف مقاتل من أهل الشام سوى جند العراق، فحمل عليهم عليه السلام في أصحابه كأنه الليث المغضب فقتل منهم أكثر من ألفي قتيل بين الحيرة والكوفة، وظهرت آيات النصر له ولأوليائه، ولكن الناس إختاروا الذل على العز، والعذاب على المغفرة، فنعوذ بالله من سوء الإختيار. وعمل يوجب الخلود في النار، واستقبل زيد عليه السلام الناس فقال أين الناس؟ فقيل: إنهم حشروا إلى المسجد وحبسوا فيه، فقال ما يسعنا عندالله خذلانهم فهزم عليه السلام جنود أهل الشام حتى أتى المسجد فصاح بأهل المسجد: الخروج(3) وما كان معهم من يقدر على منعهم، ولكن أخلدوا إلى الدنيا وخذلوا من وجب عليهم نصره، وصاح بهم نصر بن خزيمة العبسي(4) رحمه الله فقال: يا أهل الكوفة اخرجوا من الذل إلى العز، اخرجوا إلى خير الدنيا والآخرة، وأدخل أصحاب زيد الرايات من عقود أبواب المسجد على القوم حجة عليهم، فتغافلوا عن ذلك لشقاوتهم، فلما كان يوم الخميس اشتد القتال، فحمل عليهم زيد بن علي عليه السلام وأصحابه فقتل من أهل الشام أكثر من مائتي فارس، فلما كان يوم الجمعة باكروه بالقتال، فحاربهم يومه، وقد انصرف أكثر الناس عنه.
পৃষ্ঠা ১০১