وقد قيل: المهدي في مذهب الإمامة مرجعه، إلى أن الواجب في هذا هو على الله سبحانه، وهو أن يجعل لنا إماما ينص عليه، ويعلمنا بوجوب طاعته، كما أنه يجب أن يكلفنا بالشرعيات، التي هي لطف.
فإذا عرفت ذلك: فأحسن ما يحمل عليه القول بوجوب الإمامة، أنه يجب على المسلمين عموما الإهتمام بأمرها، والنظر في تحصيلها، على سبيل الجملة.
وأما التفصيل فعلى حسبما ذكرناه آنفا، والقصد أن يجري الناس على أسلوب ما كان عليه الصحابة -رضى الله عنهم- بعد موت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من الاهتمام الكلي، والفزع إلى نصب الإمام وإيثاره على تجهيزه -صلى الله عليه وآله وسلم- مع كونه من أهم الأمور، ومباشرة ذلك ينهى من الأعيان، والكبراء، وأهل الحل والعقد، وسائر الناس فرضهم العمل بما أبرموه واعتمدوه.
فهذا هو المعنى والمراد، ولا مشاجة في العبارة. والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم إنا نعود إلى تتميم الكلام، فيما كنا بصدده. فنقول: قد حققنا المذاهب في وجوب الإمام.
فأما المنكرون لوجوبها، فاحتجوا بأن الإمام بمنزلة الوكيل للأمة، وللموكل أن يتولى بنفسه ما وكل فيه من دون الوكيل.
وهذا احتجاج ركيك وليس الإمام بوكيل للأمة، ولا خليفة عنهم، وإنما هو خلفية لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-. وكمأمور لله تعالى، وأمين له، ومؤتمن على الدماء والأموال والأديان، وبإقامة الأدلة على وجوب الإمامة عليه يسقط هذا القول ويبين بطلانه.
وأما ذكر ما يحتج به القائلون، بأن وجوبها إنما يعرف بالعقل وحده، فبطلانه يتبين بإقامة الحجج الشرعية السمعية.
পৃষ্ঠা ১০