وأما ما يحتج به القائلون بأن العقل طريق إلى وجوبها مع الشرع، فليس مما يهمنا ذكره إن صح ما زعموه فزيادته خير، وتقوية للوجوب، ومعين على المطلوب.
وإن لم يصح ففي الأدلة، الأدلة السمعية الشرعية، غنية وكفاية، وحججهم جميعا في الكتب المتداولة معروفة فمن رغب إلى الوقوف عليها، فليطالعها.
وأما الحجج التي يذكرها أهل المذهب المختار، فهي ثلاث:
الحجة الأولى: إجماع الصحابة على ذلك، فإنه لما توفي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فزعوا إلى نصب إمام من غير تراخ منهم، آثروه على تجهيز رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يسمع من أحد منهم على شك ينازعهم في تعيين الإمام القول بأن هذا أمر لا حاجة بنا إليه ، ولا تكليف علينا فيه، ولا ملجئ لنا إلى هذا التنازع بل لم يختلفوا في النصب وإن اختلفوا في المنصوب.
الحجة الثانية: إن الصحابة أجمعوا على أن أمر الحدود إلى الإمام، وأن التكليف بها على سبيل الإستمرار إلى أن ينقطع التكليف، والخطاب بها ورد مطلقا غير مشروط بقيام إمام، وقامت الأدلة السنية، على أن الإمام شرط في ذلك، ووجوب تحصيل ما لا يتم الواجب إلا به، لأنه يجب كوجوبه.
الحجة الثالثة: إن المعلوم ضرورة من دينه -صلى الله عليه آله وسلم- أن الجهاد فرض واجب على الأمة، وأن وجوبه لم يسقط بموته -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأن الإمام شرط في آدائه والقيام به، مع كون إقامة الإمام أمرا ممكنا للأمة.
পৃষ্ঠা ১১