ب - الشروط الاكتسابية
وأما الشروط الإكتسابية فهي: العدالة، والورع، والسخى، والشجاعة، وحسن التدبير، والعلم، وألا يتقدمه داع مجاب، ونحن نتكلم فيها واحدا واحدا.
أما العدالة والورع: فهما في الحقيقة شرط واحد، فإن الورع يتضمن العدالة وينطوي عليها، وقد يعدان شرطان نظرا إلى أن العدالة يراد بها السلامة من الأمور المكفرة والمفسقة وما ينقض العدالة مما عدا ذلك، والورع يرجع إلى التحري في الحقوق والأموال والتصرفات، وقد عدهما الإمام يحيى بن حمزة -عليه السلام- شرطين، فجعل معنى العدالة: أن لا يكون الإمام كافرا صريح ولا تأويل، ولا فاسق تصريح يتلبس بالكبائر الفسقية وينهمك فيها، ويستعمل الفواحش، لأن المقصود المهم منه إزالة المعاصي الكبيرة، فمن فعلها فكيف يكون منصبا للإمامة وحاصلا عليها، فكيف يقوم الظل والعود أعوج.
ولا فاسق تأويل كالخارجي والباغي ونحوهما، فمثل الإمام من يبعد عن هذه الأمور، وادعى الإجماع من جهة الصدر الأول من الصحابة والتابعين إلى يومنا هذا، على أن الإمام لا تجوز إمامته إلا أذا كان عدلا مجنبا عن الخصال الكفرية والخصال الفسقية من جهة الخوارج ومن جهة التأويل على ما فصلناه، واحتج على ثبوت الإجماع بقيام الصدر الأول على عثمان لما نقموه منه، قال وإن لم يقطع بكونه فسقا حتى أفضى الأمر إلى قتله.
وفيه دلالة على أنه لا بد من اعتبار العدالة، وحسن السيرة، فإن على الخليفة أن يقفوا أثر المستخلف، وهو الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-، ومن كان بعده من الأئمة السائرين بسيرته المقتفين لأثره.
পৃষ্ঠা ৪৪