ولو أن إماما تناهي به ضعف الشوكة، وقلة الجهد، وعدم انبساط اليد إلى أن يقف بأعلى جبل عال، لا يمد ولا يقبض، ولا يبرم ولا ينقض، مع كماله في نفسه، وجمعه لشرائط الإمامة وكونه لم يؤت في ذلك من سوء تدبير، ولا زهد في الخير ولا تقصير في السعي لكان للمسلمين فيه خير كثير، ونفع كبير، يرجعون إليه في المهمات، ويصدرون عنه في كثير من التصرفات، ويكونون الأمور المركبة على الإمامة أهل استقرار وثبات.
قال بعض الفضلاء من السادة، لإمام زمانه وقد كثرت حركاته واقتحامه لأخطار الأسفار ما معناه: ترجيح السكون، وعدم تعريض النفس للذهاب، أن يقال للمسلمين ولو (و) قع السكون والوقوف رأس جبل عال ليس بقليل، وهو أرجح من فوائد الإحتراك مع تجويز الهلاك.
ووجه آخر: وهو أنك تجد لأئمة الهدى من التنويرات والكرامات، وإجابة الدعوات، والحالات الدالة على عظم المكانة عند الله تعالى ما يهدي إلى شرف هذه المنزلة، وعلو هذه الدرجة، وأن هذا ليس بموكول إلى نظر الناظر، واجتهاد المجتهد، ولا بحال يستوي فيه المحتفل والمهمل، والناهض والرافض، والمحب والباغض، والنافي والمثبت، والملتزم والمتلعب، وأن هذه المسألة ليست كمسألة المضمضة والاستنشاق، وغسل الرجلين ومسحهما، ونحو ذلك من المسائل الظنية والإجتهادية، التي درجتها بالنظر إلى غيرها غير عليه.
পৃষ্ঠা ২০