مع كون هذه المسألة من قواعد الإسلام، وعليها يدار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو من أعظم أبواب الدين، وله بعثت الرسل عليهم السلام، وأنزلت الكتب، وعليها يترتب إذهاب النفوس، وإتلاف الأموال، وتجهيز الجنود وإنفاق أموال الله تعالى، وغير ذلك مما يطول ذكره ونشره.
وإن قلنا بأنها قطعية، وأنها من المسائل العلمية اليقينية، فقاعدة ذلك قيام البراهين الموصلة إلى العلم اليقين، المؤدية إليه، الموقفة عليه، وما سكنت النفوس إلى أن أدلة هذه المسائل من هذا القبيل الصريح، ولا وجدناها على ما يراد من التنقيح والتصحيح، ولا سليمة من ورود الإشكال، ولا خالصة عن التشكك بحال، والأدلة السمعية القطعية في القرآن الصريح، الذي هو نص، والسنة المتواترة تواترا حقيقيا، مع صراحة دلالتها، وخلوها عن اللبس، وكونها من قبيل النص والإجماع المتواتر المعلوم، والقياس القطعي الذي (لا) شك فيه.
فأما الدليل من الكتاب والسنة، على وجوب الإمامة فمنتف ولم يرد في آيات القرآن، ولا الأحاديث النبوية المتواترة صريحة الدلالة في هذه المسألة شيء.
وأما القياس فلا مدخل له هنا وأدلته المذكورة من قبيل الإجماع، ومرجعها كلها إليه، ومدارها عليه، وقطعية دلالة الإجماع، تنبني على أصليين لا بد أن يكونا قطعيين:
أحدهما: أدلة حجية الإجماع.
والثاني: تهيئ الطريق إلى حصوله.
পৃষ্ঠা ১৪