القول في كون هذه المسألة قطعية
هذا هو مذهب الأكثر على ما حكاه الإمام المهدي أحمد بن يحيىعليه سلام الله ورضوانه، قال -عليه السلام: وزعمت الأشعرية، وبعض المعتزلة، أنها اجتهادية بناء منهم على أن أدلتها ظنية.
قلت: ولا يبعد أن أكثرهم القائلون إنها اجتهادية، فإنه لا ينقل عن أحد من طوائف الفقهاء وأتباع أئمتهم، القول بقطعيتها، وكلامهم فيها وقواعدهم تقضي بأنها عندهم من المسائل الظنية الاجتهادية.
واعلم: أن هذا الخلاف يذكر في وجوب الإمامة، والظاهر أن القائلين بقطعيتها يقولون بذلك في وجوبها، وغيره من مسائلها كشروطها، وأحكامها وطريقتها، والنص على بعض الأئمة وغير ذلك.
ويعدون الإمامة وتفاريعها من المسائل القطعية العلمية، وما كان فيها من عملي فمترب على علمي، وإدخالهم لها في فن الكلام، يدل على ذلك فأنه لا شيء منه ظني.
وأن القائلين بظنيتها دون ذلك، في جميع مسائلها، إذ لا يصح أن يكون فروعها قطعيه، وأصولها ظنية ولا ذلك، وهو كالعلم بالصفة ، مع العلم بالذات، فلا يصح أن يكون العلم بالذات استدلاليا، والعلم بالصفة ضروريا، ولا أن يكون اعتقاد الذات غير علم واعتقاد الصفة علما، وهذا أمر ظاهر. والله أعلم.
ونحن نقول وبالله التوفيق: هذه مسألة تحار فيها الأفهام، وتكثر فيها الأوهام، ومن حقق النظر فيها ازداد تحيره، وطال تفكره، فإن حكمنا على أدلتها بأنها ظنية، وأن المسألة اجتهادية، أدى ذلك إلى طرف من التهاون بأمرها، وتحقير ما عظمه الله تعالى من قدرها.
পৃষ্ঠা ১৩