ثم نقل شعر الحطيئة المتقدم، فقال: وأصله الجمع بين الشيئين بحيث يعسر الانفصال. ولعل المراد بالعقود: ما يعم العقود التي عقدها الله سبحانه على عباده، و ألزمها إياهم من التكاليف، وما يعقدون بينهم من عقود الأمانات، والمعاملات، و نحوها مما يجب الوفاء به، أو يحسن، إن حملنا الأمر على المشترك بين الوجوب والندب (1). انتهى.
ويحتمل أن يكون مراده من " ما يعقدون بينهم " العقود المرخصة فيها شرعا.
وقال الراغب على ما نقل عنه: العقود: باعتبار المعقود والعاقد ثلاثة أضرب: عقد بين الله وبين عباده، وعقد بين الله ونفسه، وعقد بينه وبين غيره من البشر. إلى أن قال: وظاهر الآية يقتضى كل عقد سوى ما كان تركه قربة أو واجبا (2).
وقال في الصافي بعد ذكر الآية: القمي عن الصادق (عليه السلام): أي بالعهود (3).
أقول: الإيفاء والوفاء بمعنى، والعقد: العهد الموثق، ويشمل ها هنا كل ما عقد الله على عباده، وألزمه إياهم، من الإيمان به وملائكته (4) وكتبه ورسله و أوصياء رسله، وتحليل حلاله، وتحريم حرامه، والإتيان بفرائضه وسننه، و رعاية حدوده وأوامره ونواهيه، وكل ما يعقده المؤمنون على أنفسهم لله، وفيما بينهم من عقود الأمانات والمعاملات الغير المحظورة.
والقمي عن الجواد (عليه السلام): " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عقد عليهم لعلى (عليه السلام) بالخلافة في عشرة مواطن، ثم أنزل الله (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (عليه السلام). (5) انتهى.
পৃষ্ঠা ১০