ইস্তাম্বুল এর কাহিনী

সোহা শামি d. 1450 AH
125

ইস্তাম্বুল এর কাহিনী

عرافة إسطنبول

জনগুলি

قال البك: «هذا غريب!» ولكنه لم يقل لماذا يظنه غريبا.

كان الخطاب الثاني طلبا من فتاة شابة توفي والدها فجأة قبل أن يدبر لها زواجا مناسبا، والآن لديها ثلاثة خاطبين يدعي كل منهم حصوله على موافقة والدها المتوفى. لم يكن واضحا ما تبغيه الفتاة من إلينورا بالضبط، رغم أنها أنهت الخطاب بالعبارة التالية: إنني أثق في قدرتك على تقديم المساعدة.

على مدار الأيام الثلاثة التالية، غرقت إلينورا في طوفان من الدعوات وبطاقات الزيارة والخطابات والبرقيات التي تطلب حضورها وإرشادها. كان معظم المرسلين يعيشون في إسطنبول، رغم أن القليل منهم أتى من أماكن أبعد في الإمبراطورية العثمانية، من مدن مثل سيلونيكا وترابزون، أماكن قد سمعت عنها ويمكنها تحديد موقعها على الخريطة، ولكنها باستثناء ذلك لا تعلم عنها سوى القليل. وفي وقت لاحق من ذلك الأسبوع، بدأت البرقيات تصل من مناطق بعيدة؛ مثل كوبنهاجن وشيكاجو. وأيا كان مصدر الرسائل، وبصرف النظر عن رداءة الورق أو جودته، كانت إلينورا ترد عليها كلها بنفس الطريقة؛ كانت تعتذر بلطف عن تلبية الدعوات للحفلات ولأمسيات العشاء، معللة بأنها لم تسترد كامل صحتها بعد، وكانت تبذل قصارى جهدها كي تجيب طلبات الإرشاد بأفضل نصيحة يمكنها تقديمها، رغم أنها في الحقيقة كانت تواجه أياما عصيبة في التعامل مع مشاكلها الخاصة.

الفصل الخامس والعشرون

بنهاية شهر أغسطس، كانت إلينورا قد تعافت تماما من النوبة التي داهمتها في القصر. ورغم تلك الانفراجة السعيدة، لم تستطع الهروب من الشعور بأن شيئا راسخا في حياتها قد تغير. كان الأمر يشبه الجلوس أمام مائدة فاخرة تضم اللحم المشوي والسفرجل المحشو وسلطة الشعير، وفجأة تكتشف أن أدوات المائدة غير موجودة. وكانت تدرك تماما منشأ ذلك الشعور؛ فرغم أنها قد أخبرت البك بكل ما تذكره عن مقابلتها الثانية مع السلطان، ثم إفاقتها لاحقا في جناح الحريم، ورغم أنها قد أوضحت له أكثر من مرة آراءها حول الصلة بين الهيركانيين والإمبراطورية العثمانية، ورغم أنه قد سامحها عدة مرات، ورغم أنهما قد أصبحا يتحدثان بصراحة أكثر وبمعدل أكبر مما كانا عليه من قبل؛ فقد شعرت إلينورا كما لو كان جانب من علاقتها بالبك قد تغير إلى الأبد، حتى عندما يتحدث إليها عن أمور تافهة كارتفاع الحرارة أو أسعار القطن أو توافر الكرز في السوق التجارية، كانت جبهته تصبح مشدودة. قد تكون تلك أصداء شعورها بالذنب فحسب، ولكنها كانت تخشى أن شيئا ملموسا أكثر من ذلك قد تغير.

ولم يقتصر الأمر على البك؛ فقد أصبح السيد كروم أكثر احتراما لها من ذي قبل، وأثناء حمامها الصباحي أصبحت السيدة داماكان تنظفها كقطعة زجاج رقيقة تخشى إتلافها. حتى سرب إلينورا قد تغير؛ فقد أصبح أكثر نشاطا وإصرارا كما لو كان يشعر بتحقق وعد مختبئ في مكان ما أسفل طبقة الهواء الساخن. كانت تراقب السرب كل صباح وهو ينطلق واحدا تلو الآخر من النتوء البارز أسفل نافذتها، وفي نهاية اليوم ترقب عودته واحدا تلو الآخر بنفس الترتيب الذي رحل به. أين كانت تقوده طلعاته؟ وعم كان يبحث في براري المدينة؟ لا يسع إلينورا سوى التخمين.

في فترة تماثلها للشفاء اعتادت إلينورا قراءة جريدة «ذا ستامبول هيرالد» كل صباح بعد تناول الإفطار. وبينما كانت تقرأ الجريدة وحيدة على رأس المائدة والسيد كروم يرفع الأطباق الفارغة، لم يسعها إلا أن تشعر بأن العالم بأسره يتغير أسفل منها. ففي خلال أسبوعين فقط، قرأت عن هدنة متوترة بين البحرية البريطانية وإمبراطور الصين، وزلزال مدمر في جنوب الولايات المتحدة، وتفشي وباء الكوليرا في إسبانيا، وعشرات من حالات الانتحار (ومنها محاولة انتحار زائفة ومثيرة من أعلى أحد جسور نيويورك)، وأكثر من بضع طعنات، وسلسلة من عمليات السطو السافرة على البنوك في جنيف. وبالإضافة إلى كل تلك الصراعات والأمراض، فقد أكدت «ذا ستامبول هيرالد» أيضا أن فخامة السلطان عبد الحميد الثاني يعمل على تفكيك تحالف الإمبراطورية القائم منذ القدم مع الألمان. ولم يتضمن المقال تفاصيل أكثر من ذلك، رغم أنه عزا دافع السلطان إلى تأثيرات «مستشارته الشابة» عليه، وهي مفاجأة بالفعل.

ولكن المفاجأة الكبرى أتت في صورة برقية وصلت في أواخر صباح أحد الأيام في ذروة الصيف، بينما كانت إلينورا تتصفح الإعلانات المبوبة في الصفحة الخلفية من «ذا ستامبول هيرالد» عندما دخل السيد كروم إلى غرفة الطعام حاملا كومة من الخطابات والبرقيات، ووضع الرزمة وفتاحة الخطابات على المائدة بجوارها، وانحنى خارجا من الغرفة مدركا أنها تفضل أن تفتح الخطابات بنفسها. وكعادتها، تفحصت الرزمة وفحصت كل مظروف منفردا قبل أن تشرع في استخدام الفتاحة. كان يوجد بين الرزمة برقية من باريس وخطاب رديء نوعا ما من ترابزون، وبضعة خطابات كانت قد أرسلتها لكنها أعيدت لسبب ما. وبالقرب من أسفل الرزمة وجدت برقية غريبة لم تتمكن من فك لغزها في بداية الأمر، كانت مرسلة عن طريق شركة بريطانية تدعى شركة المراسلات الملكية والعالمية المحدودة. وبصرف النظر عن مصدرها، فلم تكن الرسالة مكتوبة بالإنجليزية، على الأقل ليس بإنجليزية مفهومة بالنسبة إليها. حدقت إلينورا إلى المزيج الأرجواني المشوش للحروف، وأومضت بعينيها، ثم بسطت الورقة على المائدة وتركت عقلها يسترخي، وركزت بأقصى حد ممكن، وسرعان ما توصلت إلى الحل؛ فرغم أن البرقية مكتوبة بحروف أبجدية لاتينية، فقد كانت مكتوبة بلغتها الأم:

لقد قرأت خبرا عنك في الجريدة. ألف مبروك. سأحضر إلى إسطنبول قريبا، وأرغب في مقابلتك عندئذ. إن الأمور في كونستانتسا تسير بخير. خالتك روكساندرا.

بعد أن قرأت إلينورا البرقية مرتين، رفعت الورقة عن المائدة، ثم حدقت إلى السطح اللامع الخالي وراقبت انعكاسها يتحول عبر حبيبات الخشب. خالتها روكساندرا. عضت على شفتها السفلى وكورت البرقية إلى كرة زرقاء شاحبة صغيرة، وفعلت ما بوسعها كي تطردها من ذهنها، ولكنها كانت تعلم أن ذلك مستحيل. فمهما فعلت، حتى إذا أحرقتها أو ابتلعتها أو مزقتها إربا، فلن تتمكن من الخلاص من تلك الرسالة ولا ذكرى خالتها ولا معرفة كيف تخلى عنها الجميع بقسوة. مهما فعلت إلينورا، فسوف تظل رائحة الحبر عالقة في يديها، وسوف تحفر الحروف في ذهنها بحجم كبير. «الآنسة كوهين؟»

অজানা পৃষ্ঠা