وَقَالَ بعض البلغاء لَا تبت على غير وَصِيَّة وَإِن كنت من جسمك فِي صِحَة وَمن عمرك فِي فسحة فَإِن الدَّهْر خائن وكل مَا هُوَ كَائِن كَائِن
وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود ﵁ مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَهُوَ ضيف وَمَاله عَارِية فالضيف مرتحل وَالْعَارِية مَرْدُودَة
وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ ﵀ يَا عجبا لقوم أمروا بالزاد وَنُودِيَ فيهم بالرحيل وَحشر أَوَّلهمْ على آخِرهم وهم مَعَ ذَلِك قعُود يَلْعَبُونَ
وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء لَيْسَ من الدّين عوض وَلَا من الْإِيمَان بدل وَلَا من الْجَسَد خلف وَمن كَانَت مطيته اللَّيْل وَالنَّهَار فَإِنَّهُ يسَار بِهِ وَإِن لم يسر
وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب ﵁ أَيهَا النَّاس اتَّقوا الله الَّذِي إِن قُلْتُمْ سمع وَإِن أضمرتم علم وَبَادرُوا الْمَوْت الَّذِي إِن قُمْتُم أخذكم وَإِن هربتم أدرككم
وَكَانَ عبد الله بن ثَعْلَبَة يَقُول فِي موعظته تضحك يَا هَذَا وَلَعَلَّ أكفانك عِنْد الْقصار
وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء كل يجْرِي من عمره إِلَى غَايَة تَنْتَهِي إِلَيْهَا مُدَّة أَجله وتنطوي عَلَيْهَا صحيفَة عمله فَخذ من نَفسك لنَفسك وَقس يَوْمك بأمسك وَكَيف عَن سيئاتك وزد فِي حَسَنَاتك قبل أَن تستوفي مُدَّة الْأَجَل وتقصر عَن الزِّيَادَة فِي السَّعْي وَالْعَمَل
وَفِي كَلَام بَعضهم أعلم رَحِمك الله أَن أمانيك سترد عَلَيْك وَترجع خائبة إِلَيْك وان السَّاعَات تهدم فِي جسدك وَرُبمَا عاجلتك الْمنية فِي ساعتك أَو فِي يَوْمك أَو فِي غدك فأوقفتك على غشك وظلمك وأطالت فِي كربك وزادت فِي غمك وأرتك مَا لم تعهد وأشهدتك مشهدا مَا مثله مشْهد
وَأنْشد
مرادك لَا يَصح وَلَا يتم ... إِذا مَا كنت للدنيا تدم
وَمَا فرقت مِنْهَا من أَمَان ... فلست وَإِن أصبت لَهَا تضم
وَمَا تبنيه فِي دنياك هذي ... ستلقاه من الْأَيَّام هدم
1 / 88