الْآخِرَة فَلَا يؤتاه وَسَأَلَ فِيهِ وَلَا يعطاه
وَكتب رجل إِلَى بعض إخوانه
يَا أخي احذر الْمَوْت فِي هَذِه الدَّار من قبل أَن تصير إِلَى دَار تتمنى الْمَوْت فِيهَا فَلَا يُوجد وَيطْلب فِيهَا فَلَا يدْرك
ويروى أَن امْرَأَة شكت إِلَى عَائِشَة ﵂ قساوة فِي قَلبهَا فَقَالَت لَهَا اكثري من ذكر الْمَوْت يرق قَلْبك فَفعلت فرق قَلبهَا فَجَاءَت تشكر عَائِشَة
وَقَالَ الْحسن فَضَح الدُّنْيَا وَالله هَذَا الْمَوْت فَلم يتْرك فِيهَا لذِي لب فَرحا
وَقَالَ مَا رَأَيْت عَاقِلا قطّ إِلَّا وجدته حذرا من الْمَوْت حَزينًا من أَجله
وَقَالَ كَعْب الْأَحْبَار من ذكر الْمَوْت هَانَتْ عَلَيْهِ المصائب
وَقَالَ حَامِد اللفاف وَيْح ابْن أَدَم إِن أَمَامه ثَلَاثَة أَشْيَاء موت كريه المذاق ونار أليمة الْعَذَاب وجنة عَظِيمَة الثَّوَاب
وَأعلم أَن الْمَوْت لن يمنعهُ مِنْك مَانع وَلَا يَدْفَعهُ عَنْك دَافع وَإِن فِيهِ لزجرا للبيب وشغلا للأريب ومنبهة للنائم وتنشيطا للمستيقظ وانه للطَّالِب الْمدْرك والمتبع اللَّاحِق والمغير الَّذِي يبْعَث الطليعة ويعجل الرّجْعَة ويسبق النذير الْعُرْيَان لَا يردهُ الْبَاب الشَّديد وَلَا البرج المشيد وَلَا اللجب العرمرم وَلَا الْبَلَد الْبعيد
وروى خَيْثَمَة عَن سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش قَالَ وَحدث بِهِ غَيره أَيْضا إِن رجلا كَانَ جَالِسا مَعَ نَبِي الله سُلَيْمَان ﵇ فَدخل عَلَيْهِ دَاخل فَجعل ينظر إِلَى الرجل الْجَالِس مَعَ سُلَيْمَان ويديم النّظر إِلَيْهِ فَلَمَّا خرج قَالَ لَهُ الرجل يَا نَبِي الله من هَذَا الرجل الدَّاخِل عَلَيْك
قَالَ ملك الْمَوْت قَالَ يَا نَبِي الله لقد رَأَيْته يديم النّظر إِلَيّ ويشخص فِي وَإِنِّي لأظنه يُرِيدنِي قَالَ فَمَا تُرِيدُ قَالَ يَا نَبِي الله أُرِيد أَن تَأمر الرّيح فتأخذني فتلقيني فِي أبعد جزائر الْبَحْر فَإِنَّهُ قد أطاش عَقْلِي وأذهب لبي وَنقض كل عُضْو
1 / 41