المعرفة الثالثة
قال أهل الإسلام كافة: إن اختلاف الألوان والصور، والأنثى والذكر حدث بقصد العلي الأكبر، لا يقدر عليه سواه، ولا يحدثه إلا إياه.
وقالت المطرفية: بأن ذلك حدث بإحالات الأحكام، وتأثيرات الطبائع، وهذا من الموجبات، ولا تحصل الطبائع المتماثلات ولا المختلفات؛ لأن الكلام في تماثل طبائعها واختلافها كالكلام في أنفسها، فإن احتاجت إلى طبائع أخرى أدى إلى ما لا نهاية له، وإن انتهت إلى فاعل مختار وجب أن تحتاج إلى هذه الفروع في ذلك إلى الفاعل المختار، الذي يفعل ما يشاء ويختار، وعلى هذا قال تعالى: و{هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء}[آل عمران:6] وقال تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل}[الرعد:4] فبين أن طينها واحد، وماءها واحد، وأصولها مستوية متماثلة في الفروع، مختلفة متباينة، وعرفنا أنه تعالى المخالف بينهما، والمفاضل والمباين والمماثل.
المعرفة الرابعة
قال أهل الإسلام كافة: بأن الأمطار والماء نزل من السماء بقدرة العلي الأعلى، وقصده إلى خلقه كذلك تعالى.
وقالت المطرفية: لم يقصد إلى إحداثه تعالى، وإنما هو حادث من بخارات الأرض ورطوبات الجو، لا بمشيئة الله تعالى وهذا محال؛ لأنه إن وقع الشك أنه من فعله تعالى، فكيف يرتاب فيه المرتاب، وقد ثبت أنه محدث...................... نزوله من السماء فهو شك في قوله تعالى، قال عز وجل: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا}[الفرقان:48] وقال تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا}[الرعد:17] وغير ذلك من آيات القرآن الكريم.
পৃষ্ঠা ৫