[قيام الليل]
قال الوافد: ما للذي يقوم الليل ؟ صف لي ثوابه ؟
قال العالم: من قام الليل وسهر، نجاه الله من الأمر العسر، من خاف البيات، لم تغلبه السيئات، من حذر الحمام، شرد عنه المنام، من اغتنم الليالي والأيام، لم يقطعها بالبطالة والمنام، ( من أطال الرقاد، فقد طمس النور من الفؤاد، من دام رقاده، عدم مراده )، من ألف الوطا والمهاد، خرج إلى الآخرة بغير زاد، من تعود الوسادة، لم يؤد حق العبادة، من خاف اللحد، لم ينم على الخد، من عصى مولاه، كانت الجحيم مأواه، من فزع من يوم القصاص، تضرع إلى ربه بالإخلاص، من تحقق أن الرب مطلع في المعصية عليه، أسبل الدموع على خديه، من علم أن إلى ربه مرجعه، هجر في الليل نومه ومضجعه، من تحقق أن إلى ربه الرجوع، أكثر من السجود والركوع، ( من تفكر في قبيح الرجوع، شرد عن عينيه الهجوع، وأسبل من مقلتيه الدموع )، من علم أنه مأخوذ مطلوب، كان له في الليل تهجد وهبوب، ( من عرف عصيانه، داوم أحزانه، من داوم أحزانه، لم تنطبق بالليل أجفانه )، من غلب على قلبه الحزن، منع من عينيه الوسن، من تحقق الإفلاس، شرد عنه النعاس، من علم أن الله يدعوه، لم يزل يخافه ويرجوه، فإن الله تعالى يقول: ( هل من داع فأجيب ؟ هل من مطيع فأثيب ؟ هل من متقرب فإني منه قريب ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من سائل فأفضل عليه، هل من متوكل فأسوق الرزق إليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من مستعين فأعينه ؟ هل من مستجير فأجيره ).
يا أهل الليل أبشروا بالسرور والجمال، يا أهل الليل كفيتم جميع الأهوال، ( يا أهل الليل أمنتم الأفزاع والأشغال )، يا أهل الليل تقر أعينكم عند انقضاء الآجال، يا أهل الليل أكثروا التضرع والإبتهال، فقد اطلع عليكم الكبير المتعال، يا أهل القرآن تهجدوا بالقرآن، يا أهل القرآن معكم الدليل والبيان، من سهر الليل وقام، وتجوع بالنهار وصام، كان مقامه في الآخرة خير مقام.
পৃষ্ঠা ৩০৭