[الملك]
قال الوافد: من الملك في ذلك اليوم الهويل ؟
قال العالم: ( الملك، من رضي عنه الملك، النبيل، من استقام على السبيل، الخليل)، من رضي عنه الجليل، الشريف، من هو عن الحرام عفيف، العاقل، من لم يكن عن الله غافل.
يستقبح من المؤمن كبره، ومن الشيخ كفره، ويستحسن من المؤمن فقره، حقيق بالتواضع من يموت، وبالبذل من يفوت، المؤمن دنياه فوت، ومعاشه قوت.
وقال في ذلك:
صنيع مليكنا حسن جميل .... فما أرزاقنا عنا تفوت
فيا هذا سترحل عن قريب .... إلى قوم كلامهم السكوت
وقال غيره:
أيها الشامخ الذي لا يرام .... نحن من طينة عليك السلام
إنما هذه الحياة متاع .... ومع الموت تستوي الأقدام
قال الوافد: كيف يهنأنا العيش في هذه الدنيا، وهذه أفعالها في أهلها ؟
قال العالم: بناؤنا للخراب، وأعمارنا للذهاب، ودهرنا إلى انقلاب، والموت يبدد الأحباب، ويفرق الأصحاب، الموت ينزل الملوك من القصور والقباب، إلى القبور والتراب، كل ما عملنا معدود، وعليه حفظة شهود، أعمالنا محفوظة، وأنفسنا مقبوضة، وسيئآتنا علينا معروضة، لنا من كأس الموت شراب، ولنا من بعده سوء الحساب.
طوبى لمن له في الطاعة اكتساب، حتى ينال في الآخرة الثواب، والويل لمن له العقاب والحساب والعذاب، والموت يدخل كل باب، من أخرجه الموت من دار، لم يكن له إليه إياب.
آه غفلنا من اكتساب الخيرات، ولم نستعد للممات، لا بد لنا من الحساب، لا بد لنا من العرض على الملك الوهاب.
( ما أغفلنا عن الآخرة!! ما أغفلنا عن الورود في الساهرة !! ) غفلنا عن الإنتحاب، غفلنا عن الإكتئاب، غفلنا عن الآزفة، غفلنا عن الواقعة، غفلنا عن القارعة، لم نكثر الندامة، لم نذكر القيامة، لم نخف الطآمة.
পৃষ্ঠা ২৯৬