[الهالك]
قال الوافد: صف لي الهالك المتأسف ؟
قال العالم: هو الذي يتأسف على رزق لم يأته، وينتظر مالا وربما لم يستوفه، يخاف شره، ولا يرجى خيره، يظهر حزنه، ويكتم شره، فهو مرتبط بالنفاق، معاند بالشقاق، سيئ الأخلاق، قرين المحال، قريب الخجال، قليل النوال، قد رضي بالقيل والقال، ولا يسلك سبيل النجاة، ولا يخاف المفاجاة، ظاهره مع أهل الدين، وباطنه مع المنافقين، قد باين الفرقان، وأغضب الرحمن، فقلبه لا يخشع، وعينه لا تدمع، ونفسه لا تشبع، قد آثر العمى على الهدى، وبدل الدين بالدنيا، وفي ذلك أقول، بعد الصلاة على الرسول:
مضى عمري وقد حصلت ذنوب .... وعز علي أني لا أتوب
نطهر للجمال لنا ثيابا .... وقد صدئت لقسوتها القلوب
وأعربنا الكلام فما لحنا .... ونلحن في الفعال فلا نصيب
قال الوافد : أسأل الله تعالى سلوك طريق الأخيار، ومجانبة طريق الفجار.
قال العالم: إن الله سبحانه وتعالى قد بين لعباده طريق الهدى، وحذرهم المخاوف والردى، بعث إليهم رسولا، وجعل القرآن لهم دليلا، وركب فيهم عقولا، وأمرهم ونهاهم، وخيرهم ومكنهم، وأعد ثوابا، وعقابا، فمن أطاع وفاه ثوابه، ومن عصاه ضمنه عقابه، فإياك والظلم والعدوان، والإقدام على الزور والبهتان، وعليك بالعدل والإنصاف، والبذل والإلطاف، ولا تظلم أحدا فإن الظالم نادم، والظلم يخرب الدار، ويفرد الجار، ( ويثير الغبار، ويسخط الملك الجبار )، ومن أكبر المصائب والحسرات، المأخوذ يوم القيامة بالتبعات، يوم لا شفيع يشفع، ولا دعاء يرفع، ولا عمل ينفع، يوم لا ينفع الظالم ندمه، وقد زلت به قدمه، وقد شهدت عليه جوارحه، فيا حسرة الظالم ويا ويحه!!
পৃষ্ঠা ২৯০