وتبيين الكفر والإيمان من الله عز وجل، وفعلهما من الآدميين، ولولا أنه عز وجل بين لخلقه الكفر والإيمان؛ ما إذا عرفوا الحق من الباطل، ولا المعتدل من المائل، ولكن عرفهم بذلك، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في بعض مواعظه: ((خلقنا ولم نك شيئا، وأخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا، فغذانا بلطفه، وأحيانا برزقه، وأطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، ووضع عنا الأقلام، وأزال عنا الآثام، فلم يكلفنا معرفة الحلال والحرام، حتى إذا أكمل لنا العقول، وسهل لنا السبيل، نصب لنا العلم والدليل، من سماء ورفعها، وأرض وضعها، وشمس أطلعها، ورتوق فتقها، وعجائب خلقها، فعرفنا الخير من الشر، والنفع من الضر، والحسن من القبيح، والفاسد من الصحيح، والكذب من الصدق، والباطل من الحق، أرسل إلينا الرسل، وأنزل علينا الكتب، وبين لنا الحلال والحرام، والحدود والأحكام، فلما وصلت دعوته إلينا، وقامت حجته علينا؛ أمرنا ونهانا، وأنذرنا وحذرنا، ووعدنا وأوعدنا، فجعل لأهل طاعته الثواب، وعلى أهل معصيته العقاب، جزاء وافق أعمالهم، ونكالا بسوء فعالهم، { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد } [فصلت:46])).
وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل، حيث يقول: { وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق } [الأعراف:43]، وقال النبي صلى الله عليه وعلى أهل بيته: ((صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي، قد لعنوا على لسان سبعين نبيا: القدرية والمرجئة. قيل: وما القدرية يا رسول الله ؟ وما المرجئة ؟ فقال: أما القدرية فهم الذي يعملون المعاصي ويقولون: إنها من الله قضى بها وقدرها علينا. وأما المرجئة فهم الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل.)) ثم قال صلى الله عليه وآله: ((القدرية مجوس هذه الأمة)).
পৃষ্ঠা ৬৩